صباح الحرف (لغة الواقع السعودية)

  • 6/20/2016
  • 00:00
  • 39
  • 0
  • 0
news-picture

< أعجبني في الخطاب الاقتصادي السعودي الجديد والقادم من أميركيا التي تشهد ورشة عمل سياسية اقتصادية عملاقة بين عملاقين على الساحة الدولية، أعجبي القول «الهدف من الاستثمارات هو الاستثمار المباشر في الصناعات والأنشطة في المملكة». إن لغة الخطاب للشعب السعودي وللعالم تتغير، تصبح واقعية ولطالما كان الاقتصاد واقعياً، وتصبح شفافة وليس أنجح من الشفافية في لغة الأرقام وتبادلها، والمصالح والمنافع والتفاوض عليها. أعجبني شخصياً، إذ أمضيت ردحاً من الزمن أعمل في الصحافة الاقتصادية، وكلما عقد مؤتمر صحافي لوكالة جديدة تدخل بموجبها شركة أجنبية إلى السعودية من طريق وكيل سعودي، وكلما وقع عقد شراكة من أي نوع كانت الجملة الأكثر استهلاكاً هي «أن هذا الاستثمار غرضه نقل التقنية وإيجاد آلاف فرص العمل». واليوم نعرف أن التقنية لا تنقل ولا توطن إلا بثمن يجب دفعه وافياً إما بالمال، أو بالعمل الدؤوب لعشرات السنين في البحث والتطوير، وإن إيجاد فرص الوظائف لا يتم من طريق الوكلاء بل يتم من طريق تأهيل كوادر وطنية عندما يأتي المستثمر الأجنبي يجدها الأفضل لتحقيق أهدافه، والأكثر قدرة على تطوير أعماله في السوق المحلية. حسناً، إن السعودية في رؤيتها الاقتصادية التي يقودها فريق التحول الوطني تتحدث اليوم لغة العالم، وهي أيضاً تتحدث إلى الداخل السعودي بما معناه «اقترب أو ربما حان موعد الفطام»، فعندما يسمح بالاستثمار المباشر لشركة كيماويات فهذا يعني مزيداً من المنافسة التي لا بد أن تقوي شركات الكيماويات السعودية، وعندما يسمح لعملاق صناعة أدوية فهذا يعني أن على شركات ومصانع الدواء السعودية رفع مستواها وابتكار منتجاتها الخاصة واستثمار مزيد من المال في الأبحاث. ربما تكون الخطوة السعودية القادمة هي أن الشراء من المصانع والشركات سيتم بناء على أفضل سعر يقدم الجودة نفسها، وربما تفتح السعودية بعض القطاعات للمستثمرين للاستقدام والإعفاء من نسب السعودة، وكل هذه أمثلة أتخيلها، وكل هذا سيصقل القطاع الخاص السعودي، وخصوصاً في مجالات التصنيع والتقنية والخدمات ويصبح بدوره، وعند زيارات مقبلة متبادلة لمسؤولين من السعودية وأميركيا مدعواً للاستثمار هنا لكن ليس ليوطن تقنيته أو يوظف الأميركيين، بل فقط لمجرد «الاستثمار المباشر في الصناعات والأنشطة في أميركية». الدخل والعائد من الاستثمارات المباشرة على الخزينة السعودية كبير، وما على القطاع الخاص السعودي والسعوديين إلا التفكير في كيفية استثمار هذا الدخول المباشر، وليثق الجميع بأن كل الشركات التي عبرت البحار إلى دول أخرى كانت دوماً في حاجة إلى الخبرة المحلية في كثير من المجالات، وهذه ستكون فرص غير مفروضة من الحكومة لكن تفرضها طبيعة الأشياء ويجب على ذوي العلاقة استثمارها. السعودية تتحول، أي أنها تتغير، ولكل تغيير في حياة الإنسان وتاريخ الدول منافع ومضار، ويبقى التحدي الحكومي والشعبي في السعودية هو أن تكون المنافع غالبة، وهي كذلك بالفعل إلى حد الآن.   mohamdalyami@

مشاركة :