قال الأديب والناقد السوداني، عيسى الحلو، إن المثقف العربي يعيش «حالة من الإحباط، جعلته يشعر بأن كل الآفاق مسدودة أمامه». وأضاف الحلو، في مقابلة مع الأناضول بالخرطوم، إن عدم وجود مفكرين فاقم من حالة الإحباط في الوطن العربي، ذاهبا إلى أن الساحة العربية الآن «خالية من مفكر قادر على خلق حراك، مثل الحالة التي أحدثتها كتابات المفكر الأميركي من أصل فلسطيني إدوارد سعيد»، وأسقط ذلك على كُتّاب الأدب بصفة عامة والرواية بصفة خاصة، وضرب مثلا بكتابات الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ، والسوداني الطيب صالح، والتي لم تشهد الساحة الأدبية عقب رحيلهما كتابا بذات مكانة وحجم مؤلفاتهما، حسب رأيه. تابع الحلو الذي يتكئ على إنتاج أدبي يبلغ خمس مجموعات قصصية، وست روايات، وعددا من الدراسات النقدية الأدبية، إلى جانب رصيد من العمل في الصحافة الثقافية يتجاوز 60 عاما: «نعم توجد استثناءات، لكنها لم تستطع الصمود، ويتضح لك ذلك جليا أمثال الكاتب السوداني حمور زيادة، وعلاء الأسواني من مصر، فالأول قدم عملا جيدا في رواية (شوق الدرويش) الصادرة عام 2014، والثاني قدم رواية (عمارة يعقوبيان) في 2007، لكن أين هما الآن؟». وزاد: «الفراغ المحيط وغياب مثقفيه وكتابه دفع القارئ والمتلقي العربي إلى الأدب العابر للقارات والمنقول لهم عبر المترجمين». الأمية الجمالية بختام العام الحالي يكمل عيسى الحلو ستة عقود من العمل الصحفي الثقافي المتواصل، أشرف خلالها على عدد من الملفات الثقافية، ولفت الحلو، إلى أن «فكرة الملفات الثقافية حديثة في الوطن العربي، ويعود الفضل في ريادتها إلى مصر، فقد بدأت مع مجلتي القاهرة والرسالة، مطلع القرن الماضي». أما في السودان «فقد بدأت أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، مع مجلتي الفجر التي كان يحرر ملفها الثقافي الصحفي عرفات محمد عبدالله، ومجلة النهضة التي كان يحررها الصحفي محمد عباس أبو الريش». وعزا الحلو ازدهار الملفات الثقافية في تلك الحقبة في السودان، إلى منع المستعمر البريطاني (1899 - 1956) الكتابة في الشأن السياسي، بصورة مباشرة. ونوه إلى أن هذا «هو ما دفع عددا من الكتاب السياسيين والمثقفين، إلى تناول القضايا العامة بطرق رمزية أدبية لتفادي الرقيب الإنجليزي». وأسهم ذلك، بحسب الحلو، في «إخراج عدد من الكتاب المتميزين، مثل الشاعر السوداني التيجاني يوسف بشير، والكاتب معاوية محمد نور». وأعرب الحلو عن اعتقاده بأن «الظروف التي نشأت فيها الملفات الثقافية في السودان خلال فترة الاستعمار جعلت الصورة في أذهان الكثيرين أن الثقافة هي الشعر والقصة فقط». واستدرك بالقول: «لذلك خلقوا صفحات أدبية فقط، لا تحوي المفهوم الشامل للثقافة، وعمدوا إلى الاستعانة في الغالب بالأدباء لتحريرها، وليس على الصحفي القادر على إنتاج المواد الصحفية الثقافية، بمختلف القوالب التحريرية المعروفة». وضرب مثلا بنفسه، قائلا: «لو لم أكن صحفيا محترفا أتقاضي أجرا على عملي، لما صبرت على تحرير الملفات الثقافية طول الستة عقود الماضية». صناعة الثقافة رسم الحلو «صورة متفائلة بمستقبل ثقافي جيد»، بالقول: «الدول العربية بدأت تهتم بمعارض الكتاب، وبعضها تقدم جوائز محفزة على الإبداع، ولفت إلى أن «هذا لم يكن موجودا قبل نحو عشرين عاما، إضافة إلى أن نسبة الأمية آخذة في الانـحسار». واعتبر أن الأمية الجمالية التي تهتم بالفن والفكر والمعرفة عموما، بحاجة لبعض الوقت، وعدد من النقاد والكتاب المتميزين غير الموجودين حاليا في المشهد العربي. صدرت للحلو «حمّى الفوضى والتماسك» «صباح الخير أيها الوجه اللا مرئي الجميل» «عجوز فوق الأرجوحة» «الورد وكوابيس الليل» 3 روايات نشرها «البرتقالة» «مداخل العصافير إلى الحدائق» «الجنة بأعلى التل»
مشاركة :