القضية أكبر بكثير ! | د. إبراهيم محمد باداود

  • 10/13/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كلما تقع مصيبة ترتفع الأصوات لتنادي بضرورة محاسبة مَن تسبب في وجود الخلل والإهمال، وما إن ترى ذلك التفاعل الذي يتم وقت وقوع الكارثة إلاّ وتشعر بأن الأمور ستعود إلى نصابها على الفور، وأن هذه نهاية مسلسل الفساد، وأن الأمور قد تغيّرت ولا عودة للوراء، وإنه من المستحيل أن يتكرر مثل ذلك الحادث، ثم ما تلبث هذه الأصوات أن تنخفض وبمرور الوقت تنسى، وتعود الحياة لطبيعتها وكأن شيئًا لم يكن. هذه حقيقة الأوضاع لدينا اليوم فعند وقوع الكارثة يكثر الصراخ والعويل ويحرص الآخرون على امتصاص الصدمة الأولى كما يحرص البعض على انتهاز الفرصة لتصفية الحسابات بينما يتجرع أهل الضحية أحزانهم، ويتم التعامل مع تلك الكارثة في كثير من الأحيان بشكل تقليدي سواء كان ذلك من خلال بيان رسمي أو تعازي حارة أو تشكيل لجان تحقيق أو غيرها من الإجراءات الأخرى والتي تأتي كردة فعل تقليدية في حال وقوع مثل هذه الحوادث المأساوية. القضية في رأيي أكبر من قضية خطأ أو تقصير أو إهمال، وهي أكبر من وجود حفرة صرف صحي بدون غطاء أو وجود عدادات كهرباء مكشوفة أو وجود مبان سمح لها أن تبنى في مواقع للسيول أو حدوث أخطاء طبية أو غيرها من الأحداث التي تؤدي إلى مآسٍ وضحايا. القضية أكبر من أنها تتعلق بمسؤول ذي منصب أو مدير أو مستشار أو غيرها من المسميات الأخرى التي تمتد قبل اسم صاحبها وبعده عدة أسطر، كما أن القضية أكبر من أنها ترتبط بجهة معينة أو وزارة محددة أو قطاع مخصص. القضية قضية وجود ضمير حي وقلب ينبض ليس لدى المسؤولين فقط بل ولدى كل فرد من أفراد المجتمع، هذا القلب الذي يجعلهم يستشعرون بأن هذا الوطن ملك لهم فلا يقبلون أن يعيشوا فيه على خطأ، ولا يتجاهلون ما يشاهدونه يوميًّا من مخالفات بدعوى أن لا علاقة لهم بها وأنها ليست في إطار اهتماماتهم، وأن يجعلوا من هذه الروح التي نشاهدها بعد وقوع الكوارث روح دائمة ومستمرة لتصحيح الأخطاء، ولتعديل المسار، وللمضي في الاتجاه الصحيح. إن وجود مثل هذا القلب الحي والذي يستشعر المسؤولية ويسعى جاهدًا لأن يقدم كل ما في وسعه للقيام بمسؤولياته في عمله هو ما نحتاج اليه اليوم، فإن قام كل منا بدوره على أكمل وجه وتم محاسبة المقصر على تقصيره فيمكن بعدها أن نرى تغييرًا إيجابيًّا يساهم في تحسين الكثير من الأوضاع الحالية. Ibrahim.badawood@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (87) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :