حوادث الطرق تعوق تنمية البلدان «2 من 2»

  • 1/26/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إن الأثر في نمو الدخل القومي ليس سوى جزء من القصة. ولأن القيمة المعنوية التي يضعها المجتمع للصحة لا ترصدها تقديرات الأثر في نمو الدخل، فإن الدراسة تقيم أيضا مزايا الرفاهة الهائلة المرتبطة بما سيعود على الناس من منفعة نتيجة للحد من مخاطر الإصابات والوفيات الناجمة عن حوادث الطرق. وباستخدام مقياس قيمة الحياة الإحصائية ـــ وهي القيمة النقدية المعطاة لأغراض إحصائية لإنقاذ حياة إنسان من خلال أحد تدابير السياسات ـــ قدرت الدراسة المنافع الإضافية للرفاهة بما يعادل 6 ـــ 32 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلد المعني، التي يمكن تحقيقها بخفض 50 في المائة من الإصابات والوفيات الناجمة عن حوادث الطرق على مدى 24 عاما. أظهرت الدراسة أن كثيرا من الإمكانات البشرية تضيع بلا داع بسبب حوادث الطرق. وفضلا عن المعاناة الهائلة التي تسببها هذه الحوادث، كما يتضح بجلاء في القصص المدمرة لأناس تحطمت حياتهم، أو لم تعد قط إلى سابق عهدها بسبب الإصابات، والوفاة المبكرة، والإعاقة طويلة الأمد، فإن الأعباء الاقتصادية للإصابات والوفيات الناجمة عن حوادث الطرق كبيرة بدرجة لا يمكن قبولها. والأهم من ذلك، أن خبرات البلدان من شتى أنحاء العالم قد أظهرت أنه إذا آثرت الحكومات والهيئات الاجتماعية الفاعلة الأخرى التحرك واعتمدت سياسات وتدخلات فاعلة ومستدامة تستند إلى الشواهد والأدلة، فإنه يمكن تخفيض الخسائر في الأرواح وأثرها في المجتمع بدرجة كبيرة. ولا شك أن الآثار المترتبة على سرعة التحرك تبدو واضحة جلية. إذ يجب أن نضع نصب أعيننا أن الوقاية من الإصابات المرتبطة بحوادث الطرق والوفيات المبكرة من خلال القيام بتدخلات في قطاع النقل وفي إطار الجهود الرامية لحث الخطى من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة ستؤتي ثمارها من حيث سنوات العمر الموفور الصحة والخالي من الإصابات والإعاقة. وسيسهم هذا بدوره في بناء رأس المال في مجال الصحة (قيمة صحة الإنسان مدى الحياة)، ومن ثم رأس المال البشري (مجموع المعارف والمهارات والخبرات التي يكتسبها السكان) التي أصبحت على نحو متزايد المصدر الرئيس لإجمالي ثروة أي بلد ونجاحه على المدى الطويل. الحقيقة كما أوضح الدكتور جيم يونج كيم رئيس مجموعة البنك الدولي أخيرا في منتدى عالمي عن التغطية الصحية الشاملة أقيم في طوكيو، هي أن بحوث مجموعة البنك الدولي تظهِر بوضوح أن ثمة فرقا هائلا بين أعلى 25 في المائة من البلدان التي حققت أكبر تحسن في رأسمالها البشري من جهة، وأدنى 25 في المائة من البلدان التي حققت أقل تحسن من جهة أخرى: فبين عامي 1991 و2016، كان الفرق في النمو الاقتصادي 1.25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي سنويا على مدى 25 عاما. وينبغي لنا أن نجدد التزامنا في مختلف القطاعات بالمساعدة في التصدي لواحد من أشد مخاطر الصحة العامة العالمية في مطلع القرن الـ 21. وفي هذا السياق، يجب أن يكون واضحا أننا لا نسعى من أجل هدف للصحة العامة فحسب، فالأهم أننا نسعى من أجل هدف اجتماعي عريض يؤثر فينا جميعا، لأن الحد من الإصابات والوفيات التي يمكن الوقاية منها الناجمة عن حوادث الطرق شرط رئيس لبناء مجتمعات تنعم بالصحة وتتسم بالمرونة والقدرة على مجابهة الصدمات، واقتصادات مفعمة بالحيوية والابتكار، ونمو مستويات المعيشة.author: باتريسيو ماركيزImage:

مشاركة :