قبل كارثة 2008م المالية التي هزّت الولايات المتحدة والعالم من ورائها، سادت فوضى بيع المنازل لمن يستحق، ومَن لا يستحق من حيث القدرة المالية عبر استخدام آليات تحايل وكذب بالجملة. وبعد انتهاء الأزمة عمل المشرّعون الأمريكيون على تلافي هذه الفجوة التشريعية والتنظيمية الهائلة في عهد أوباما تحديدًا، ذلك أن سياسة الجمهوريين المعلنة هي ترك الحبل على الغارب لقطاع المال والأعمال، فهو الأقدر على تصحيح مساره بنفسه. واليوم تُدار اللعبة نفسها في قطاع آخر هو قطاع السيارات، إذ تم اكتشاف حالات متزايدة عن تزوير مسؤولي المبيعات للمعلومات التي يقدمونها للبنك المُقرض عن وضع الزبون المالي؛ حتى تُتاح له فرصة الشراء بالتقسيط، أو التأجير المنتهي بالتمليك. وتقول السلطات المعنية في عدد من الولايات الأمريكية إن عمليات تزوير البيانات تتم على نطاق واسع في قطاع السيارات المستعملة، والذي هو أقلها تنظيمًا وخضوعًا للقوانين التي تسري على وكالات السيارات الجديدة. وأمّا أكثر البيانات تزويرًا فهو تضخيم الدخل المالي للمشتري، أو تزوير تاريخه الوظيفي ليبدو مقنعًا للبنك بصفته من القادرين على السداد لاحقًا. أمّا الضحية في النهاية فهو العميل أو الزبون، تمامًا كالذي حدث في قطاع المنازل، إذ طردت البنوك كل عميل متأخر عن السداد من منزله بقوة النظام، ثم باعت المنزل في مزاد علني سريع. وبالنسبة للسيارة فسيتم استرجاعها بقوة النظام، وبيعها كذلك في أقرب فرصة سانحة؛ لأن البنك المُقرض هو المالك الفعلي سواء كانت السلعة منزلاً، أو سيارة، أو حتى غسالة ملابس. الشاهد هنا هو حجم الجشع الذي يسيطر على الإنسان حتى وإن كان في بيئة يُحكِم القانون فيها قبضته دون رحمة ولا مجاملة. والجشع في المجتمعات الرأسمالية مثل الحلقة المفرغة، فالبنك يقرض صاحب المشروع التجاري، ويطالبه بالسداد، وصاحب المشروع يوظف مسؤولي مبيعات، ويطالبهم بجذب حد أدنى من الزبائن، وإلاّ فُصل من وظيفته. والموظف بالتالي يوقع الزبون المسكين في شرك شراء سلعة لا يستطيع لاحقًا سداد أقساطها، ليعود البنك مرة أخرى إلى الاستيلاء عليها، وربما بيعها مرة أخرى لصاحب الشركة الذي اقترض منه لبدء مشروعه. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :