قضايا الاقتصاد والأمن على طاولة محادثات السبسي وماكرونتراهن تونس على زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، إلى جانب إحكام التنسيق في ما يتعلق بالحرب على الإرهاب، وإيجاد تسوية سياسية للأزمة الليبية، وغيرها من الملفات الإقليمية والدولية الأخرى ذات الاهتمام المشترك.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2018/01/30، العدد: 10885، ص(4)]تعويل تونسي على ثقل فرنسا تونس- يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء زيارة دولة إلى تونس هي الأولى له منذ وصوله إلى قصر الإليزيه في منتصف مايو من العام الماضي، وصفها مراقبون بأنها زيارة غير مسبوقة بالنظر إلى توقيتها، وبرنامجها، وأبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية. ويرافق الرئيس الفرنسي في هذه الزيارة التي ستتواصل على مدى يومين، وزير الخارجية جان إيف لودريان، ووزير الاقتصاد والمالية برونو لومير، ووزير التربية جان ميشيل بلانكيه، ووزيرة التعليم العالي والبحث والتجديد فريديرك فيدال. وقالت مصادر مقربة من الرئاسة التونسية لـ”العرب” إن ماكرون سيجري خلال هذه الزيارة سلسلة من المحادثات مع كبار المسؤولين التونسيين، يتقدمهم الرئيس الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، ورئيس البرلمان محمد الناصر، إلى جانب البعض من السياسيين، ونشطاء في المجتمع المدني، وعدد من رجال الأعمال. وسيلقي الرئيس الفرنسي خلال تواجده بتونس كلمة أمام البرلمان، بالإضافة إلى تدشين مقر الرابطة الفرنسية بمدينة أريانة بتونس العاصمة، والمشاركة في منتدى الأعمال التونسي- الفرنسي. واعتبر وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس أن رهان تونس على هذه الزيارة للخروج من ضائقتها الاقتصادية، يبقى رهانا مشروعا، لا سيما في هذه المرحلة التي تلعب فيها فرنسا دورا بارزا على الصعيدين الأوروبي والدولي. وقال لـ”العرب” إن فرنسا لن تتراجع عن دعم تونس، وستعمل على تعزيز العلاقات بينهما والعلاقات متعددة الأطراف، وخاصة منها على صعيد الاتحاد الأوروبي الذي يعد الشريك الرئيسي لتونس. وتوقع أن يتم على هامش هذه الزيارة التوقيع على جملة من الاتفاقيات الثنائية لتعزيز علاقات التعاون في عدة قطاعات، وخاصة منها الاقتصادية والمالية، والتعليم، والثقافة، بالإضافة إلى المجالين الأمني والعسكري. ولفت إلى أن الرئيس الفرنسي سبق له أن أعرب عن اهتمام بلاده بتونس، وبالتالي فإن كل المعطيات المحيطة بهذه الزيارة تؤكد أنها ستكون ناجحة لجهة دعم تونس، والوقوف إلى جانبها ومساعدتها على تجاوز التحديات الاقتصادية التي تواجهها.أحمد ونيس: مقاربة فرنسا ليست متطابقة مع رؤية تونس لحل الأزمة الليبية وكان ماكرون قد وصف علاقات بلاده بتونس بـ”الاستثنائية”، وأكد خلال مأدبة عشاء على هامش قمة المناخ التي استضافتها باريس في منتصف ديسمبر الماضي، بحضور الباجي قائد السبسي، أن علاقة فرنسا بتونس تحظى بالأولوية. وأشار حينئذ إلى زيارته لتونس حيث قال إن “فرنسا هي أول شريك لتونس وتعتزم أن تبقى كذلك”. ولفت إلى أن زيارته المرتقبة تستهدف تكثيف العلاقات بين البلدين، وسيتم خلالها توقيع عدة اتفاقيات منها اتفاق إطار في مجال الأمن نظرا لارتباط تونس بحدود بطول 450 كلم مع ليبيا التي مازالت تعيش حالة من الفوضى. وبحسب مصادر “العرب” فإن المحادثات والمشاورات التي سيجريها ماكرون مع المسؤولين التونسيين، ستتمحور حول واقع العلاقات الثنائية بين فرنسا وتونس، وسبل تطويرها على مستوى الملفات الهامة، وخاصة منها تلك المتعلقة بالمسائل الأمنية والعسكرية، والاقتصادية، والتربية والتعليم العالي والثقافة. وسيتم خلالها أيضا تبادل الآراء ووجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخاصة منها القضية الفلسطينية، وتطورات الوضع في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية. واعتبر سفير فرنسا لدى تونس أوليفيي بوافر دارفور أن زيارة ماكرون إلى تونس “ستكون مناسبة هامة لبحث سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين وللتعمق في المواضيع ذات الاهتمام المشترك”. وأوضح في تصريحات سابقة أن المسائل التي سيتم التطرق إليها خلال هذه الزيارة ستتمحور حول أربع أولويات تشمل المسائل الاقتصادية والتربية والتعليم والدفاع والأمن، بالإضافة إلى تناول القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل الوضع في ليبيا وقضية القدس. وينتظر أن يفرض الملف الليبي نفسه خلال المحادثات والمشاورات باعتبار اهتمام البلدين بتطورات هذا الملف، حيث قال أحمد ونيس إن هذا الملف سيكون حاضرا بقوة خلال اللقاء الذي سيجمع بين الرئيسين السبسي وماكرون، إلى جانب ملف مقاومة الإرهاب. واعتبر أن الجانبين التونسي والفرنسي تتطابق رؤيتهما في ما يتعلق بمقاومة الإرهاب، وكذلك أيضا بالنسبة لمسألة استقرار ليبيا، لكن مقارباتهما لتحقيق ذلك لم تصل بعد إلى درجة التطابق بالنظر إلى تضارب المصالح الذي أنتج أجندات متباينة في بعض تفاصيلها. وتبدي فرنسا التي كثفت من تحركاتها في سعي لتعزيز حضورها السياسي في ليبيا، اهتماما متزايدا بتطور الأزمة الليبية، وقد تدخلت أكثر من مرة لإيجاد تسوية لهذه الأزمة من خلال التقريب بين الفرقاء الليبيين. وشكل لقاء باريس الذي جمع في 25 يوليو الماضي بين فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، أبرز تلك التحركات السياسية الفرنسية. وفي المقابل، تحرص تونس على إبقاء دورها في الملف الليبي حاضرا، وذلك منذ إطلاق الرئيس السبسي لمبادرته بشأن الملف الليبي التي تحولت إلى مبادرة ثلاثية بانضمام مصر والجزائر إليها باعتبار أن للدول الثلاث حدودا مشتركة مع ليبيا.
مشاركة :