تزايد طلبات سكان العالم الذين يتنامى عددهم باستمرار، والاضطرابات المدنية، والهجمات الإرهابية، والأخطاء البشرية، والكوارث الطبيعية.. كل هذه المسائل تشكل تبِعات إضافية لمستقبل مليء بالتمنيات فيما يتعلق بصناعة الطاقة. وأمن الطاقة قضية معقدة، تتطلب نهجا مختلفا إذا أرادت الدول والشركات أن تتجنب الوقوع بين مطرقة تزايد الطلب على الطاقة، وسندان تحقيق أهداف التغير المناخي. إن التحدي الذي تواجهه الحكومات وصناعة الطاقة ليس مجرد "استمرار الإنارة"، من خلال تأمين خطوط الإمداد من البلدان المنتجة للطاقة إلى الدول المستهلكة للطاقة، وإنما يتطلب استراتيجية محكمة، تضمن تحقيق الأهداف المتعلقة بخفض انبعاث الكربون بتكلفة معتدلة. قد توفر مصادر الطاقة البديلة منفذا واحدا نحو مستقبل منخفض الكربون، لكن التكلفة المقترحة، في سوق الائتمان المحدود الحالي، قد تكون باهظة. وكان عديد من مختصي صناعة الطاقة، قد أوضحوا بجلاء أن الوقود الأحفوري سيبقى، في المدى القصير إلى المتوسط على الأقل، يلعب دورا كمصدر مهم من مجموع مصادر الطاقة. يوفر الوقود النووي طاقة خالية من الكربون، لكن عديدا من الدول الأوروبية بدأت، في أعقاب كارثة فوكوشيما، تبدي مخاوف بشأن سلامة الأجندة الخضراء. غالبا ما توفر هذه العوامل مجتمعة مجموعة من التحديات المتناقضة أمام قطاع صناعة الطاقة في محاولاته لتأمين إمدادات الطاقة. إننا نشهد تحولا تاريخيا في إمدادات الطاقة من الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري إلى مزيج أكثر تنوعا من إمدادات الطاقة، وأن الطاقة البديلة قد أصبحت الآن هي الطاقة الرئيسة. لقد تم استثمار 260 مليار دولار أمريكي في مجال الطاقة النظيفة في جميع أرجاء العالم عام 2011. والمشهد الاستثماري للطاقة النظيفة مازال يتقدم. لقد تفوقت أمريكا على الصين من حيث الاستثمار في مجال الطاقة النظيفة، غير أن آليات الدعم والحوافز في الولايات المتحدة آخذة في النفاد، ويضيف: "السؤال بالنسبة للولايات المتحدة هو: ما الذي سيحدث عندما ينتهي ائتمان الإنتاج؟". وفي المقابل، فإن الوضع في أجزاء من أوروبا صعب بالفعل. "تظل أسواق الديون في حالة توتر شديد، ولا سيما في جنوب أوروبا. فإذا كان بإمكانهم إقحام بنك الاستثمار الأوروبي، أو شيئا من التمويل السهل، فعندها تكون لديهم فرصة، وإلا فإن الوضع صعب جدا". إن مناخ الاستثمار شمال أوروبا أكثر ملاءمة: "الرياح البحرية أقوى، خصوصا في ألمانيا. هنالك بعض المشاريع الكبيرة تأتي عبر خط الأنابيب القادم من المملكة المتحدة والدنمارك، حيث لا يزال التمويل يتدفق". لا تزال فرنسا تضع في اعتبارها الاعتماد الكبير على توليد الطاقة النووية، حيث إن 85 في المائة من طاقتها يتم توليدها من الطاقة النووية. ويؤكد جراهام فانت هوف، رئيس مجلس الإدارة لشركة شيل في المملكة المتحدة، أن النظام القائم في المملكة المتحدة نظام قوي بما يكفي للتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع الإمداد، ويستشهد بسجل الشتاء البارد أخيرا وانقطاع التيار الكهربائي في بحر الشمال: "لدينا فعلا نظام قوي، لكن من المنطقي بالنسبة للحكومة أن تراقب على المدى الطويل لتتأكد من أنه لا يزال نظاما قويا". يقول هوف: "تتمثل وجهة نظر شركة شيل في أن العالم سيحتاج إلى زيادة في الطاقة بنسبة 50 في المائة عام 2050، وعليه أن يجدها، على أن تكون نسبة انبعاث الكربون أقل مما هي عليه الآن بنسبة 50 في المائة". أما فيما يتعلق بالإمدادات، فإننا سنكون بحاجة إلى جميع أنواع المصادر، بما فيها إمدادات جديدة من القطب الشمالي، فضلا عن الغاز والنفط الخفيف غير التقليديين. ستكون الكهرباء مفيدة في المدن، لكنها لن تجدي نفعا بالنسبة للمركبات الثقيلة أو الطائرات، ولذلك فإننا سنظل بحاجة إلى الحلول التي يوفرها الوقود الأحفوري ... يتبع.author: مايكل ليبريتشImage:
مشاركة :