دائما ما يتكرر الصراع بين الأصلي والتقليد، فهناك الماركات الأصلية، وهناك البضائع المقلدة. وكما أن هناك أنواعا من البشر مصابين بمرض «الماركات»، فهناك أنواع أخرى مصابة بمتلازمة التقليد. في العديد من الدول الآسيوية تجد سوقا خاصا يسمونه السوق الصيني، تجد فيه من البضائع التقليد ما يطابق الماركات العالمية، حتى إنك تجد التقليد على أكثر من مستوى، وكل له سعره. في سوق البضائع، ومع انتشار الأسواق والتنافسية، باتت حتى الماركات المقلدة متوافرة بجودة عالية. وهنا تأتي الحالة المادية للأفراد لتقرر نوعية الشراء. أما في سوق البشر، فالتقليد له مدارس. تقليد الحسن من القول والفعل هو المقبول دينا وعرفا، لكنه الأقل حظا. أما أنواع البشر الذين نصادفهم في حياتنا، وهم ما بين «التقليد» والمغشوش فما أكثرهم، حتى يخيل للمرء أن هذا هو النمط الغالب. قرابات «تقليد»، أصدقاء «تقليد»، مواقف وفزعات «تقليد»، أنظمة «تقليد»، قانون «تقليد»، وفاء «تقليد»، أمانة «تقليد»، وقس على ذلك! قد يتفهم المرء هروب البعض من الماركات والبضائع الأصلية بسبب أسعارها، وبسبب توافر البدائل التي قد توازيها جودة وإتقانا. لكن كيف بالإمكان تفسير تغيّر أحوال البشر؟! كيف نفسّر ضياع المعاني الأصلية للأخوة الحقيقية والوفاء والأمانة والفزعات والمواقف؟ في السابق كانت كلمة الرجل دَيْن ومسؤولية يرتبط بهما المرء هو وعائلته وقبيلته، أما اليوم فالناس باتت لا تستبعد أن تأتيها الطعنات والغدرات حتى من أقرب المقربين. الإنسان الأصلي هو الذي يحفظ الود، ولا يخون العشرة، بل لا يتجرأ بجرحها، وهنا أتحدث عن عشرة الصداقة وعشرة الزواج وغيرهما. أما الإنسان «التقليد»، فلا تستغرب أن يتخلى عنك عند أول محطة، بل لا تستبعد أن يغدر بك ويطعنك في الظهر مع أول امتحان، لذلك قيل «اتق شر من أحسنت إليه»! برودكاست: دائما يُضرب المثل بوفاء الكلب، كما يُضرب المثل بعدد من الحيوانات التي تحفظ الجميل لأصحابها. ودائما تجد نماذج الغدر مرتبطة بالبشر!! لك أن تلبس ما تشاء أصليا أو مقلّدا، لكن لا تدع قلبك ولا ضميرك ولا سلوكك يتغير إلى التقليد. حافظ على روحك النقية ونفسك الأصيلة قولا وفعلا، حتما ستجد من يلتقي معك، ألا تجد كيف أن النحل يلتقي على رحيق الأزهار، وكيف أن الحشرات تتغذى من القاذورات. كن أصليا تبقى جميلا.
مشاركة :