ماهي أطول مدة زمنية نمتها في حياتك؟؟ كيف كان إحساسك بالزمن؟؟ لعل معظمنا يلاحظ أن إحساسنا بالزمن يتوقف تماماً عند النوم. ولذلك كانت إجابة اصحاب الكهف على السؤال (كم لبثتم؟؟) بقولهم: (لبثنا يوماً أو بعض يوم) ، رغم أن مدة نومهم وصلت إلى ثلاثمائة سنة. في هذه المقالة نستعرض التجارب القائمة لإخضاع البشر لعملية (السبات الشتوي) الصناعي في رحلات المستقبل الفضائية... بداية ما هو (السبات الشتوي)؟؟ بعيداً عن لغة التخصص فيمكن شرح السبات الشتوي أو (الإشتاء (Hibernation بأنه حالة من تقليص استخدام الطاقة في الجسم عبر النوم العميق لفترات طويلة نسبياً من الزمن تلجأ إليه الحيوانات كالدببة في فصل الشتاء البارد حين لا تتوفر الكميات الكافية من الغذاء. ماذا عن السبات الشتوي للبشر؟؟ تشير دراسات إلى أنه لو خفضت درجة حرارة الجسم قسرياً إلى أقل من 30 درجة فلن يستطيع الإنسان بالقدرة الذاتية العودة لدرجة الحراراة الطبيعية،، أما إذا انخفضت حرارة الجسم إلى أقل من 20 درجة فقد يتسبب ذلك بمخاطر على الحياة نتيجة احتمالية توقف القلب. وبالمقابل فهنالك حوادث واقعية تشير إلى أن دخول البشر إلى حالات السبات الشتوي قد تكون غير مستحيلة. فنقلا عن ( بي بي سي 21/12/2006) فقد الياباني (ماتسوكا أوتشيكوشي) وعيه في غرب اليابان حين محاولته لتسلق جبل ريوكو ، وتم العثور عليه بعد 24 يوماً لم يتناول خلالها طعاما ولا ماء في أكتوبر 2006م ودرجة حرارة جسمه لا تتجاوز 22 درجة، وكان القلب وقتها متوقفاً ومعظم الوظائف العضوية في جسمه كذلك،، إلا أن الرجل وبعد أخذ العلاجات استعاد عافيته بشكل كامل وغادر لمنزله. الواقعة الأخرى من السويد فنقلا عن ( رويترز 18/2/2012م) تم العثور في فبراير 2012م على شخص قضى شهرين كاملة دون طعام أو شراب داخل سيارته التي غمرتها الثلوج. وكان الرجل في وضعية النوم في المقعد الخلفي ودرجة حرارته 31درجة. ويرى بعض المختصين أن انخفاض درجة الحرارة ساهم في التقليل من الطاقة المستهلكة مما ساعد على نجاة هذين الرجلين في حالة قريبة من (السبات الشتوي)!! ننطلق للحديث عن علاقة السبات الشتوي بالرحلات الفضائية. يقدر العلماء بأن الرحلة الفضائية للمريخ تستغرق حوالي ستة أشهر. ومع ضيق المساحة في المركبات الفضائية ومحدودية الطعام والشراب الممكن تخزينه فإخضاع رواد الفضاء لعمليات السبات الطويلة ستسهم في خفض التكاليف وحل مشكلة قلة النوم. ونجح العلماء الصينيون فعلياً في الوصول إلى تنويم البشر لمدة أسبوعين في درجة حرارة منخفضة. ومن الحلول المطروحة أن يكون النوم بين رواد الفضاء بالتناوب بحيث يتم تغذية رائد الفضاء المنوم بالتنقيط ويتولى الإشراف عليه الرواد المستيقظون. ومن المخطط إجراء تجارب في محطة الفضاء الدولية بحيث تكون هذه التقنية مطبقة خلال ثلاثين عاماً من الآن. وإذا ما نجح السبات الشتوي الصناعي فقد يكون ذلك إيذانا بتمكين البشر من الوصول للمشتري وزحل وأورانوس بل وخارج المجموعة الشمسية كلها!! ونعود لكوكبنا الأزرق وكلام الشاعر معروف الرصافي لقومه معبراً عن حالة الإحباط: (ناموا ولاتستيقظوا...ما فاز إلا النوم!!). وإذا كان أصحاب الكهف استيقظوا بعد ثلاثة قرون ليروا كيف نصر الله الحق وتغير الزمن،، فمهما طال سبات أمتنا فأملي في الله كبير ثم في الجيل الصاعد الذي يتم تهيئته لنصنع مستقبلاً نعود فيه لمراكز الصدارة بين الأمم بإذن الله. وصدق الخبير النفسي الهندي (أنتوني دي ميلو) بقوله: "سنة واحدة في حياة عطاء خير من عشرين عاماً من السبات!!".
مشاركة :