تحت ظلال الصواريخ - د.م.عصام أمان الله بخاري

  • 9/5/2014
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

"في دولة مثل دولتكم، مع ماتملك من طائرات إف-14 والكثير من طائرات إف-4، ومع كل هذه المشكلات التي تحيط بكم، يتعين عليكم امتلاك قوة صاروخية جيدة". تلكم النصيحة التي قدمها وزير دفاع الكيان الصهيوني)عيزر وايزمان(إلى الجنرال الإيراني (حسن توفانيان) في صيف عام 1978م. مقالة اليوم تستعرض نماذج بناء القدرات الصاروخية في منطقة الشرق الأوسط.. نبدأ اليوم من أرض الكنانة حيث بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، طلب الرئيس المصري (جمال عبدالناصر) شراء صواريخ من الاتحاد السوفيتي لكن السوفييت رفضوا تزويد مصر بهذه الصواريخ. وفي عام 1960م بدأ العمل لإنتاج الصواريخ من خلال علماء مصريين و250 من المتخصصين الألمان الذين انسحبوا راحلين من مصر نتيجة تهديد جهاز الاستخبارات الاسرائيلي لهم ولعوائلهم واستهدافهم في عمليات اغتيال. ومع ذلك نجح المصريون في تطوير صاروخ الظافر بمدى 350 كلم والقاهر بمدى 600 كلم وكان العمل جارياً لتطوير الصاورخ الرائد بمدى 1000 كلم إلا أن نكسة عام 1967م أوقفت مشاريع الصواريخ المصرية. واستطاعت مصر شراء صواريخ (سكود 2) من الاتحاد السوفيتي عام 1967م. واستمر التعاون إلى عام 1973م بين البلدين في مجال الصواريخ دونما نقل حقيقي لهذه التقنيات إلى مصر. وننتقل إلى بلاد فارس في العام 1977م عندما طلب الشاه شراء صواريخ (بيرشينج) من أمريكا إلا أن إدارة (كارتر) رفضت الطلب الإيراني لأن تلك الصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية! قرر بعدها قادة طهران التعاون مع إسرائيل لتطوير صواريخ محلية الصنع في إيران يصل مداها 300 كلم. كان الهدف زيادة المدى لصاروخ إسرائيلي موجود واستبدال مكونات أمريكية بأخرى إسرائيلية لكي يتمكن الكيان الصهيوني من تصدير هذه التقنيات دون استئذان واشنطن! ووقعت اتفاقية في 1977م لشراء السلاح مقابل نفط إيراني بقيمة مليار دولار أمريكي. وشيدت إسرائيل منشأة لتجميع الصواريخ في إيران ونجحت تجربتان لإطلاق الصواريخ. وأهم ما خرجت به طهران كان القدرة على تصنيع الصواريخ محلياً.. المحطة التالية في بلاد الرافدين حيث قام الاتحاد السوفييتي ببيع صواريخ سكود للعراق عام 1977م. وبدأ برنامج تطوير الصواريخ العراقية عام 1986 من خلال تمويل برنامج مصري أرجنتيني لتطوير صاروخ بمدى 800 كلم بوقود جامد في مشروع تحت مسمى (كوندور2). وفي 1989م أعلن العراق إطلاق صاروخ ارض أرض بمدى 2000كلم. ومع ذلك يرى بعض الخبراء أن الصواريخ العراقية كانت تفتقد لتكنولوجيا المحركات وأنظمة التحكم وقامت الدول الغربية بمنع وصول هذه التقنيات للعراق. وعمل الإسرائيليون مجدداً على اغتيال العلماء العاملين في المشروع للحيلولة دون تقدم تقني عراقي في هذا المجال. وبعد حرب تحرير الكويت وبعدها سقوط بغداد تم القضاء على القدرات الصاروخية العراقية. ولعل أهم الدروس المستفادة هي: 1) القدرات الصاروخية مطلب ضروري لأي دولة قيادية تحرص على أمنها القومي في منطقتنا،2) أهمية الشراكات الاستراتيجية الدولية المتعددة ، 3) ضرورة وجود كفاءات وطنية قادرة على استيعاب التقنية وتطويرها و4) السرية حتمية لضمان الأمن القومي وأمن العاملين في المشروع. وأخيراً، إن صواريخ (رياح الشرق) التي عرضت في مناورات (سيف عبدالله) هذا العام تمثل فصلاً في ملحمة كفاح لقيادة المملكة وشعبها وجهادنا لإعداد القوة وحفظ الأمن رغم كل التحديات والمؤامرات. وستظل القدرات الصاروخية السعودية أحد قوى الردع الاستراتيجية للدول المعادية والجماعات الإرهابية التي يسوؤها وحدة صفنا وعزة وطننا. حفظ الله بلادنا وقيادتنا ونصرنا على الباغين ورد كيد الكائدين في نحورهم. وأختم بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم:" ألا إن القوة الرمي!".

مشاركة :