تقرير إخباري: انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني

  • 4/26/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القدس – أحمد عبدالفتاح| بات في حكم المؤكد ان المجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير سيعقد دورة جديدة في موعدها المقرر الإثنين المقبل في مدينة رام الله، تحت شعار «القدس وحماية الشرعية الفلسطينية»، وسط احتدام السجال بين مؤيد ومعارض لعقده، وتواصل الدعوات والمناشدات لتأجيله، وإعلان حركتي حماس والجهاد الاسلامي، من خارج المنظمة، و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» من داخلها، مقاطعته، والطعن في شرعيته، وعدم الاعتراف مسبقاً بقراراته، وما سينتج عنه من انتخاب هيئات قيادية جديدة، ما ينذر بأن الوضع الفلسطيني مقبل على المزيد من التصدّع وتعمّق الانقسام. يساجل المؤيدون لانعقاد المجلس، وفي طليعتهم حركة فتح بأن ثمة أسباباً اكثر من ضرورية وملحّة تملي انعقاده بقوامه القديم (765 عضواً) يمثلون مختلف التجمّعات الفلسطينية في الداخل والشتات، للتصدي للمخاطر المحدقة بالقضية، حيث باتت مساعي تصفيتها من خلال «صفقة القرن» تتصدر جدول اعمال الادارة الاميركية وإسرائيل، وتنفيذها يجري عملياً على الارض، وكان الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الاميركية إليها وتقليص الدعم المالي لـ«وكالة غوث اللاجئين» (الأونروا) مجرد رأس جبل الجليد، والآتي أدهى وأمرّ. وعليه، يرى هؤلاء أن أحد أهم موجبات التصدي لـ«صفقة القرن» يتمثل برفضها من خلال المجلس الوطني، الذي يعدّ أعلى هيئة تشريعية وتمثيلية فلسطينية، وإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الفلسطيني بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين على أساس القرار الاممي 194. وفي عداد موجبات عقد المجلس أيضاً، أنه الجهة الاولى المعنية بإجراء مراجعة شاملة لتجربة اكثر من ربع قرن من توقيع اتفاق أوسلو وخيار المفاوضات، الذي وصل الى طريق مسدود، ونهاية حل الدولتين، بسبب التعنّت الإسرائيلي، واستشراء الاستيطان في طول الاراضي الفلسطينية وعرضها، ما يضع برسم المجلس وضع «خريطة طريق» جديدة لتحقيق الاهداف الوطنية، بعد فشل خيار المفاوضات. بالإضافة الى ذلك، فإن تآكل شرعية منظمة التحرير ومؤسساتها بفعل عوامل، بعضها يقع على عاتق القائمين عليها، أدى الى تهميشها، ومصادرة دورها، وسلبها صلاحية القرار السياسي المفترض انها صاحبته حصراً، لمصلحة السلطة، ناهيك عن وهن صلاتها مع الخارج الفلسطيني، الذي يفترض انها ممثله الوحيد، ما حولها الى مجرد هيكل عظمي لا حياة فيه، وبالتالي، لذلك، فمهمة إعادة الاعتبار إلى دورها ووقف تغوّل السلطة عليه، ورسم الحدود والتخوم الفاصلة بينهما، واحدة من أهم مهمات المجلس الوطني. أخيراً، أظهرت الاشهر الاخيرة ان الحالة الصحية للرئيس عباس(83 عاماً) ليست في أحسن احوالها، وبالتالي فقد برزت مسألة خلافته، والتحوّط لغيابه، وبالتالي، يأتي عقد المجلس كتدبير استباقي لترتيب البيت الفلسطيني، تحسّباً لأي طارىء، ولقطع الطريق على احتمال الطعن في شرعية الهيئات التي ستحدد هوية خليفته، ناهيك عن ان متوسط اعمار اعضاء الهيئات االقيادية للمنظمة، وخصوصا اللجنة التنفيذية، أكثر من 75 عاماً، وهناك من تجاوز التسعين. في المقابل، فإن المعارضين لعقد المجلس يحاججون بأن عقده من دون إنجاز المصالحة يعدّ خرقاً لقرار اللجنة التحضرية للمجلس بعقد دورة توحيدية بمشاركة جميع الفصائل، التزاماً باتفاقات المصالحة لعامَي 2005 و2011 التي تنص على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخاب المجلس الوطني الجديد، حيث أمكن ذلك أو بالتراضي. وبالتالي، فإن مخالفة هذه الاتفاقات، يؤكد نية «فتح» وعباس التفرد والاستئثار بالسيطرة على المنظمة، وإقصاء كل الجهات المخالفة، وفي طليعتها «حماس». كما يتخوف المعارضون من أن يكون انعقاد المجلس خطوة باتجاه استكمال سلسلة العقوبات على قطاع غزة، وإلغاء المجلس التشريعي أو سحب صلاحياته، في شكل يجعل عباس يحكم سيطرته على السلطة ايضاً. وبذلك، أضحت معالم أطراف معسكرَي الداعمين لعقد المجلس، والمعارضين له، واضحة. وصار السؤال المطروح بإلحاح: ما هي التداعيات والنتائج اللاحقة لعقد المجلس؟ الجواب تقدمه الإشارات القوية الآخذة في التبلور، وفي مقدمها دعوة «حماس»، ومعها عدد من الفصائل المقيمة في دمشق، إلى عقد مؤتمرات موازية، في غزة وبيروت، ينتج عنها تخليق إطار بديل أو موازٍ لمنظمة التحرير، على غرار المحاولات التي واكبت انشقاق «فتح» بدعم من النظام السوري عام 1983. وأعلن حسام بدران، عضو المكتب السياسي لـ«حماس» صراحة عن مساع لعقد مؤتمر مواز، موضحا أن «عقد المجلس الوطني في رام الله من دون توافق يتناقض مع الاتفاقيات السابقة مع الفصائل، وكل المخرجات الناتجة عنه ستكون غير شرعية ولن تكون محل قبول وطني فلسطيني، سواء بنتائجه الإدارية في الانتخابات أو حتى برنامجه السياسي». كما أن التصريحات التي أطلقها صلاح البردويل القيادي في «حماس» عن استعداد حركته لفتح حوار مع واشنطن، مسقطاً من حسابه اي تحفظ على «صفقة القرن» هي بمنزلة رسالة تفصح عن استعداد الحركة كي تكون بديلاً عن عباس، الذي أغلق الابواب والقنوات كافة مع واشنطن، كما تضمر القبول بمقايضة الموافقة على الشروط الاميركية مقابل الاعتراف بسلطتها في غزة، ومدها في مراحل لاحقة الى الضفة الغربية، اي مقابل سيطرتها على الوضع الفلسطيني برمّته. وذكرت مصادر عدة لـ القبس أنه بالاضافة الى عقد مؤتمرات موازية للمجلس، يجري العمل على بناء أطر شعبية وجماهيرية بديلة، وفي جميع المجالات، تستهدف مختلف الفئات، كما ان قيادة «حماس» وجهت رسالة الى واشنطن عبر طرف ثالث، فحواها ان سلطة «فتح» ورئيسها عباس آفلة وفي طريقها الى الزوال، وانها (حماس) وحدها القادرة على ملء الفراغ، وأثبتت كفاءتها في ضبط الوضع في غزة، وهي قادرة على فعل الشيء ذاته في الضفة الغربية، بالتفاهم مع إسرائيل واطراف اقليمية، وسيكون انعقاد المجلس الوطني في ظل هذا الانقسام واحتدام الصراع، والمخرج الوحيد من هذا المأزق أن يقرر المجلس إجراء انتخابات حرة ونزيهة في الداخل والخارج الفلسطيني، ووفق جدول زمني معلوم، لاختيار الفلسطينيين ممثليهم للمجلس الوطني المقبل والمجلس التشريعي والرئاسة، قبل ان يسبق السيف العذل وتتبدد شرعية الكل.

مشاركة :