عجوز خَطّت السّنُونُ علاماتها على وجهه الطّيب، ضَرَير سَرق الزمَان بَصَره، ولسَبَب أو آخَر فَقَدَ شيئًا من عقله! رأيته ظُهْرًا ذات صَيف، الشّمس تَقْصَف رأسه بنيران أشعتها، والرّمضاء كانت تَسْتَمْتِعُ بالْتِهَام لَحَمِ قَدَمِيه الحافِيَين! يومها كَتَبتُ عنه مُستغيثًا له، بعدها تواصلت معي إحدى الجمعيات الخيرية زاعِمَة نجْدَتَه، غَابَ عن قارعة الطريق يومين أو ثلاثة، ولكنه عاد سيرته الأولَى يَجُوب الطُرق، ويَسْكُن الأرصفِة! تلك الحادثة وقعت قبل سنوات، وتذكرتها مع (خَبَر) نشرته صحيفة الوطن الاثنين الماضي عن تخَلِّي (الصّحة، والشؤون الاجتماعية) عن (مُواطِنٍ) يُعَانِي من اخْتِلال عَقْلِي. حيث كلّ جهة تَرمي مسؤولية رعايته على أخرى، ليستمر في الإقامة على الرّصيف بجوار مستشفى الأنصار بالمدينة المنورة!! وهنا تظهر كلّ علامات التعجب والاستفهام في اللغة العربية، بل وجميع اللغات عن أوضاع أولئك المساكين الذي هُم مِنّا، وبيننا يعيشون، ولكنهم على هَامِش الحياة مَرضى في الشوارع تائهون! أولئك ربما فَقَدُوا الأهَل الذين بهم يَقُوْمُون، أو أنّ أهلهم وأقرباءهم قَد مَاتَت الإنسانية في قلوبهم، فتركوهم يواجهون مَصِيْرًا مُظلِمًا خلف لقمة أو قطرة ماء يلهثُون! وبالتالي فمسؤولية حضانتهم والاهتمام بهم انتقلت للمجتمع ومؤسساته الرسمية والخيرية، فعليها أن تقوم بواجباتها؛ إلاّ إذا كانت مشغولة بأشياء أخرى، فذلك الموَطِن وأمثاله لـ(التّقْبِيْل لعَدم التّفَرّغ)، هذا للجهات المعنية الرسمية، أمّا الخيرية فأغلبها كما أَكّدت سابقًا مُخْتَطفَة، فالقائمون عليها عن قضايا المواطنين بعيدون، فمتى يفِيقون؟ ومتى أولئك الغَلابى بالرّعاية يَنْعَمُون؟! aaljamili@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (3) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :