بين الأمس واليوم - مهـا محمد الشريف

  • 12/9/2014
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

من الضروري أن نتطرق إلى الأمس الجميل الذي يحمل بين صفحاته ذكريات الطفولة وبعض الأحداث التي سجلها التاريخ في ملفات السنين بمعية تقنيات ذهنية متميزة يصعب نسيانها، فالعقل جوهر الإنسان ومحيط للوعي الذي يعكس العلاقة بينه وبين الزمن. وفي تعرضنا للماضي والاطلاع على مختلف العلاقات المتداخلة فيه، استطاع الإنسان أن يحقق ثروة من الذكريات يورثها للأجيال التي تليه، ما جعل الفرد يعيش بين النقد والتعايش ويبحث عن نوع من الإشباع الخالي من المنافع. غير أن هذه الآونة مرتبطة بشروط شخصية نابعة من مفاهيم أغلبها ترتبط بالإيدلوجيا، وتحتاج إلى حصيلة أساسية تحول الإنسان البسيط إلى آخر غير مستقل بكيانه، بينما يعتبر كارل ماركس الإيدلوجيا نوعاً من أنواع الوعي المغلوط والمزيف الذي يحاول أن يقدم عن الواقع تصوراً يبدو حقيقياً في الظاهر، في حين انه مجرد وهم يرتبط بمصلحة اجتماعية لطبقة أو فئة معينة. وفي ضوء ماورد لم تكن الكفة متكافئة بين الماضي والحاضر وأن لكل منهما سلبية كبيرة على واقع الإنسان، فليس الوعي فقط هو الذي يحدد الحياة المثالية، إلى جانب الواقع المعطى، ولن نستطيع القول إن هناك ماضياً تأسسس على الخيال البسيط الخالي من هموم السياسة والاقتصاد والعولمة والتقنية ككل بالنسبة للفرد الذي وظف حاجاته لصالح ظروفه ومعيشته. بينما الكل يرغب في أعماقه تمييز مفهوم الرغبة في الماضي ومفهوم الحاجة للحاضر، ومقارنة الحجج بينهما، علماً (أن الرغبة لا تقاس على الحاجات بل ان الحاجات هي التي تشتق من الرغبات كما أخبر" ج- دولوز") . ولو اعتبرنا أن الماضي هو علاقات القوى المتعددة والمرتبطة بحاضرة المكان، الذي يتجدد في كل لحظة، ويعطي أسبقية للزمن ليختزل فيها الاجتماع البشري. فلو أخذنا بالأدوات التي قامت بتكييف الطبيعة مع طبيعة الإنسان لوجدنا أن أطوار التكوين تدرجت أسبابها مع الزمن، في تسلسل متتابع ومعيار حقيقي غايته تهيئة الأرض لجميع المخلوقات الحية، ولاستقبال الإنسان الذي ينظر إلى غايته أولاً وتولي خلافة الأرض ثانياً. وهكذا نجد أن طموح إنسان الماضي تهيئة الأرض للأجيال القادمة، على عكس إنسان اليوم الذي يخطط لاحتلال أكبر مساحة من الأرض، تقع ضمن مايعرف تحت اسم فساد يرتكز على نسخة مشوهة لا يمثل الواقع الإنساني القديم. وبالتالي تكون نقطة انطلاق قيّمة تفسرالاختلاف في ذاته، عبر ذاكرة الفرد بصفة عامة وخطط الزمن الماضي التي تعتبر طريقاً طويلاً قبل الوصول إلى الحاضر، فهي تبذل جهداً كبيراً لإدراك الخيال الشاسع، وتعتمد على أقوال تدفع إلى رؤية الحياة من حيث الممكن، وأما إذا كان العكس فإنه إحياء لفترات طويلة تواجه ضعف التجربة وتصاعد أزمة السيطرة والهيمنة على الحركات الفكرية وملابسات الحداثة والمسائل المعقدة والمركبة للحاضر.

مشاركة :