وصف القصاص الهندي الشهير " كمليشوار" (الوضع الأدبي في الهند عام 1968 م قائلاً: لأول مرة اكتسبت الأقصوصة في اللغة الهندية وضعا مركزيا ضمن مختلف الأشكال الأدبية، وبفعل ذلك تراجعت فروع أدبية قوية، في حين تابعت التجارب المنجزة في ميدان الأقصوصة، مسارها في الروايات والفضائح المكتوبة خلال الستينيات). وقد شهدت المناطق الهندية في تلك الحقبة تطور مدارس هامة في الكتابة الثورية، على حد قول المؤرخين من اساتذة الأدب والتاريخ، وقد بلغ جزء كبير من هذه الكتابة الجديدة والواعدة مراتب الشهرة، فكانت في سياق الحركات الاحتجاجية الراديكالية التي قادتها مجموعات محرومة، مثل مجموعات الداليت والنساء، وفي خضم هذه التطورات تمكنت بفعل تراكماتها، منح الأقصوصة وضعا متميزا، حيث احتلت خلال السنوات اللاحقة عام 1947 م، مكاناً طلائعياً ضمن الأدب الهندي، ولكن السياسة تلعب دورا في حياة الشعوب والحركات الأدبية وخاصة في العالم الثالث وعدم منح الداليت أو المهمشين في المجتمع الهندي فرصا سياسية أو قيادية باستثناء حاله واحده وصلت للسلطة، وكذلك هو الحال أيضا في سير الجوائز العالمية ومن أشهرها الأكاديمية السويدية المانحة لجائزة نوبل، حتى شكك الكثير في تحولها من ثقافية إلى سياسية، تُمُنح حسب الصالح اليهودي كما أفاد الكثير، في احصائية تفيد ان اكثر الحائزين على جائزة نوبل للسلام هم من اليهود، أما عدد الفائزين من إيرلندا التي يساوي عدد سكانها نصف عدد سكان لندن تقريبا أربعة أدباء حصلوا على جائزة نوبل للآداب، ولا ينكر أحد أن هذه الأسماء التي جسدت الأدب المعاصر قد لمعت في سماء الأدب الايرلندي، رغم التحفظ الذي يظهره أو يخفيه القارئ أو الناقد حول العنف في روايات وأدب الكتاب الإيرلنديين، وتقبلته اللجنة بكل آثاره، ويعني التأكيد هنا على الاستقلالية اياً كان النوع سواء كان فنا أو أدبا أو فلسفة يحمل دوما تاريخه وانتاجه، فالترتيبات التي تمنح لهذه الأجزاء العلمية والفكرية في العالمو تجسد التحرر من قيود السياسة التي تضعها ضمن أطار محدد، فتظل الأعمال مرهونة بدلالة السياسة، فتفقد وظائفها الأساسية لتقدم صورا مغايرة وباهتة، لا تثير سوى التبعية. كما أن السياسة لم تحجم الأدب فحسب بل أعدمت سقراط الذي كان يلهث وراء الحقيقة، وأكمل بعده تلميذه أفلاطون، الذي تعاطى هذه الحقائق بمرارة، مما جعل جميع اعماله تتمحور حول معلمه سقراط فكان مصدر نقل لكل علومه وفلسفته، وفضلا عن ذلك فقد عرف الأدب العالمي أن القوى الاقتصادية والسياسية لم توزع بشكل عادل على المساهمين في النهضة الثقافية التي ترفع شأن الحياة الحقيقية، التي عالجت الفردانية الشرسة في المجتمعات، وأعلنت عبر مسرحياتها وشعرها تعسف الأقوياء الذين تسلطوا بالنفوذ المادي، ليختفي المشهد الأدبي ويبقى تحت سيطرتهم، وقد ساهمت هذه الظروف بما يُسمى بالأدب الجماهيري، الذي تجسد في ميلاد الروايات الجماهيريه في الصين وتايلند، وأسموه الأدب من أجل الحياة، ولكن لم يمض على هذه المناداة أو المطالبة بالتسمية وتحقيق جزء من اهدافها وقتا طويلا، حتى بسط الجيش من جديد هيمنته على كل شيء في البلاد بحجة المعارضة ضد الدولة واعتبروا الأدب حالة تمرد. أما اليوم في عصر ازدهار التقنية والمعرفة تلعب الثقافة دورا كبيرا في حياة المجتمعات، والكل يطمح إلى تحقيق زخم أدبي متميز، ليحتل مكانة ذات ارتباط بالثقافات الأدبية السابقة بمباركة السياسة التي تشكل دائما دائرة مغلقة، تحيط بالموجودات الفكرية أسوة بالماضي الذي حجم الأدوار والحركات الفكرية.
مشاركة :