دعونا نقل إن التردي العملي الذي نعاني منه في بلادنا ترجع أسبابه مناصفة بين الأهالى وأصحاب المصالح من ناحية، والأنظمة والجهات الرسمية من جهة أخرى. فعندما تفاجأ الناس بيد الحكومة تمتد إلى العمالة غير النظامية وجدنا الكثير من المصالح والخدمات قد سدّت أبوابها أمام المراجع، بما في ذلك من تعاقد معها على خدمة أو إنجاز. رأيتُ " مؤسسات " تنزع لا فتاتها وتُغلق الباب، ويعمل المخالفون داخلها، وعلى طالب الخدمة أن يدقّ الباب. بعضهم خصص عدد دقات الباب كي يتأكدوا أن الطارق ليس من رجال وزارة العمل أو الجوازات..! هذه الأشياء خير إثبات على أن الفوضى العمالية مشتركة. رخاوة المسؤولين وجشع الأهالى في استقبال العمالة الرخيصة المخالفة. مواطن يُراجع مستوصفا محليا أهليا لقربه من منزله، وذات يوم وجد عيادة الطبيب مغلقة، وخدمة أخرى كان عليه أن يصلها عبر دهليز، وتفتح على "حوش " اسرع للهرب فيما يبدو..! وكنا نقبل التستر واستقبال غير النظاميين في السباكة وإصلاح التكييف والكهرباء والنجارة، لكن المسألة بسبب عدم صرامة التفتيش وتطبيق الأنظمة وصلت إلى الرعاية الصحية، ولا أستبعد أن تطال أخصائيي القلب والشرايين وأمراض الأنف والأذن والحنجرة..! والمشكل أن ثمة شركات لها عقود مع دوائر حكومية ذات طبيعة حسّاسة، ظهر أن لديها عمالة مخالفة ضمن طواقمها، (تنظيف مثلا) وساعدهم على سرعة المراوغة عملهم داخل دوائر حكومة تحتمي من تفتيشات الجهات الرقابية. وهذا في ظني ما دعا إلى إصدار توجيهات المقام السامي لكل الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات العامة بضرورة التأكد من أن عمال التعاقدات المختلفة من صيانة أو إنشاءات نظاميون وتتفق مسمياتهم مع المهام الموكلة إليهم. وشددتْ التوجيهات على ضرورة العمل على التفتيش المستمر لمتابعة نظامية العمال في هذه المواقع. ولم تكن لتصدر توجيهات من أعلى السلطات لولا وضوح ذاك العمل، أو "العمايل" المخالفة يقودها الجشع والطمع على أمل الاختفاء بغطاء المسكوت عنه. الناس يتطلعون إلى تاريخ انتهاء التمديد وإعادة هبوب الحملة حتى تكون بلادنا مثل بقية بلدان أخرى أول ما يحترم بها الأجنبي القانون.
مشاركة :