قلم الحبر حديث الوصول إلى بلادنا. والكثير منا يتذكر المحبرة (الدواة) وقلم أعواد العصفر، وجاء بين الاثنين عود مخصص للكتابة ناعم الملمس، ينتهي بريشة عملية من الصلب تتغيّر حسب الخط المرغوب. أما قلم الحبر المعروف (باركر 21) فقد ألغى المحبرة. ويمكن حمله بالجيب. واستعملناه دلالة على الثقافة، ومعرفة أنواع الخط (الرقعة، النسخ، الثُّلُث) وأيضاً كنا نتكسب من حمله.
بعض السيدات كن يقفن بجوار جدار مدرستنا الابتدائية بانتظار خروج التلاميذ. وتسأل التلاميذ ممن تتوسم فيهم روح عمل الخير، ويحمل قلم حبر في جيبه أن يكتب أحدنا باسمها رسالة إلى ولدها أو إلى أخيها أو والدها الغائب. وأكثرنا كان يحفظ الديباجة المطلوبة.
«وإن سألتم عنا فنحن لله الحمد بخير» أو: «خطكم الشريف وصل، وماذكرتم صار معلوماً». وبداية الرسالة معروفة أيضاً لدينا وهي: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومغفرته ومرضاته».. وإن وجد خلاف ذلك فهو عبارة عن أخبار الأهل والمنزل والأقارب.
البعض منا يقبل ربع ريال.. كمكافأة. والبعض لا يقبل الدراهم.. ويكتفي من المرأة بالدعاء الصالح. والبعض الآخر يقبل «قرص كليجا».. شغل البيت.. وهو قرص لذيذ.. من البر والبيض والسكر اشتهرت.. أو عرفت به منطقة القصيم.
تنتظر المرأة - بعد ذاك - مسافراً ينقل تلك الرسالة إلى صاحبها.. وعادة يضعها في دكان معروف لدى أهل الإقليم الذي جاءت منه الرسالة.
آتي إلى ما كنت بصدده، وهو البريد. فلدينا خدمات بريد «خمس نجوم».. وهي شركات سعودية توكلت عن شركات أجنبية. ووصلت تقنيتها إلى أن المرسل - حسب إعلاناتها - يستطيع متابعة الإرسالية عبر الشبكة الدولية (الانترنيت). كي يعرف متى جرى تسليمها في البلد الآخر. وتلك الإرسالية قد تكون طرداً أو رسالة عادية.
وفي الجانب الآخر من الموضوع نرى الإنتاج الضئيل للبريد الرسمي. فالتطوير الذي جرى منذ عهد كتابة رسائل «خطكم الشريف وصل» حتى عهدنا الحالي هو فقط إيجاد صناديق بريدية لقاء رسم..! وفي أضيق أماكن المدن وأكثرها ازدحاماً..! وأحرجها مواقف للمركبات..!
لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net