من وحي الإسلام : الفنون الإسلامية: الجداريات والفسيفساء والزخارف الجصية (7)

  • 7/21/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الزخارف الطولونية في البيوت: وتتمثل الزخارف الطولونية في البيت الطولوني والزخارف في الجوامع، وقد وفق الأستاذ حسن الهواري: أمين المتحف الإسلامي بالقاهرة إلى الكشف في منطقة شمال الفسطاط التي تدعى (بمنطقة المعسكر) فنراه يذكر أن زخارف البيت تختلف في روحها ومظهرها عن الزخارف المنفذة في عصر الولاة. وقوام تلك الزخارف تتميز بالخطوط المنحنية والحلزونية مما تعكس غالبًا الفروع النهائية وقد نفذها الفنانون بطريقة جديدة، غير مألوفة في مصر، وعرفها المؤرخون بالحفر المائل المشطوف.. وظلت سامراء العاصمة الثانية للعراق في زمن الخليفة العباسي المعتصم من عام (221هـ -836م) وظلت كما هي حتى هجرها الخليفة المعتمد عام (276هـ 889م) فانكمشت إلى قرية صغيرة واختفت معالمها وظهرت أطلالها تحت الأكوام حتى كشفت بعض الحفائر الأثرية وأظهرت ما كانت عليه من تقدم وعظمة أيام ازدهارها! علماء الآثار والزخارف الجصية: وقد درس علماء الآثار الزخارف الجصية مفصلة وحظيت بالنصيب الأوفر لكثرتها وتنوعها فكانت تقسم إلى طرز سامراء الثلاثة السابقة. وكان الحفر بالأسلوب المائل أو الحفر المشطوف وكانت الزخارف ترسم مرة واحدة على قالب مصنوع ويصب الجص اللين فوق القالب بعد دهنه بمادة دهنية تحول دون التصاق الجص بجدار القالب ويسهل رفع الألواح الجصية بعد التشكيل وتثبت بعدها على الجدران. ولم يكن استعمال القوالب جديدًا في أسلوبها فقدا استعمله الفرس قبلهم، وقد لاحظ الفنانون المسلمون، حيث تتعرض القوالب للتشويه أثناء رفعها، ففكروا في استخدام الحفر المشطوف أو المائل والذي غالبا هو كان ابتكارًا إسلاميا لم يفهمه الفرس قبلاً، وأصبح الطراز السامرائي ينتشر في سائر أنحاء العالم الإسلامي بالتالي ومنها انتقل إلى الولايات المصرية في أوائل العصر الفاطمي.. وتتمثل الزخارف في واجهات الأروقة المشرفة على الصحن وحول العقود وداخلها وفي الشريط تحت السقف الجامعي وبواطن العقود المطلة على الصحن. الشبابيك المخرمة ووظيفة الزخارف: أما زخارف الشبابيك المخرمة فقد لعبت دورًا مهمًا في تزيين الجامع الطولوني، وتتألف من ألواح مخرمة من الجص تملأ النوافذ الكبيرة والتي تدور حول جدران الجامع وهي مدببة.. وتمثل المفرغات الجصية زخارف هندسية نفذت بحسب أسس مدروسة وتبلغ شبابيك الجامع الطولوني 128 شباكًا ويرجع بناء الجامع إلى عام 265 هـ، جددت أكثرها لكن بعضها لم تتجدد زخارفها. وتؤدى هذه المخرمات الجصية وظيفة علمية حيث تحجب الرياح والغبار وتسمح بدخول النور والضوء إلى الجامع بنسب متفاوتة، وتلعب دورًا مهمًا في الخطة الزخرفية للجامع، ولا شك أن منظر المفرغات الجصية قد تبادل الظل والنور بأشكال زخرفية جميلة يستمتع بها رواد الجامع خلال المشاهدة. أما من خارج المفرغات فتلعب دورًا أساسيًا في الخطة الزخرفية العامة، وتتبادل مع الطاقات المستطيلة المسدودة يتوجها أشكال على هيئة أصداف وعقود مفصصة تؤلف منها شريطًا يمتد بعرض الواجهة بين الجزء السفلي التي تخترقها الأبواب المشرعة والشرافات التي تتوج الجدران من أعلى. الطراز الزخرفي الأموي في إسبانيا: يعتبر أسلوب زخرفة العمارة الإسلامية في إسبانيا (بالأندلس) من عام 138هـ - 422هـ (756م – 1031م) من الفترات المهمة في تاريخ الفن الإسلامي نظرًا إلى وقوع الأندلس خارج الوطن العربي من جهة والى أهمية الفن في تلك المنطقة في الغرب الأوروبي. وكانت فترة حكم الخليفة عبدالرحمن الناصر من أزهى العصور في تاريخ الفن الإسلامي، حيث شيدت المنشآت المعمارية وحملت طابع الخليفة في حفر الأبواب والواجهات بالطرز الفنية الجديدة وترجع أهمية هذه الفترة إلى الكثير من الألواح الحجرية المزخرفة على هيئة نماذج نباتية متشابكة غاية في الإتقان. وقد ساعد استخدام الزخارف في تزيين واجهات العمائر بالعناصر الفنية كأوراق العنب المتشابكة وزهرة الأكانتشن والتفريعات والمراوح النخيلية وشجرة الحياة ويعكس فكرة تصوير المسلمين للزخارف إلى فكرة المسلمين الأوائل وكراهيتهم ترك الجدران خالية من الزخرفة والرسوم حيث كانت الروح الإسلامية سائدة في تلك البلدان. وتعتبر تلك الفترة مهمة نظرًا إلى العناصر الفنية المقتبسة من الفنون البيزنطية والساسانية التي استفاد منها العرب المسلمون في أسلوب الزخرفة في بعض العناصر المعمارية القوطية والتي عكس أثرها على جامع قرطبة كتنفيذ العقود المستديرة وحدوة الحصان وروعة الزخارف في قصر الخليفة بقرطبة ومن بعدها قصر الحمراء بغرناطة حيث تبرز المعالم الجصية على الجدران الأمر الذي اظهر الطابع الإسلامي وتنقية فنونه المعاصرة. الزخارف الجصية الفاطمية: خطت الزخارف الجصية في العصر الفاطمي من عام (358هـ - 567هـ) خطوات ثابتة ومتقدمة وتطورت تطورًا واضحًا من مثيلاتها بالعصر الطولوني، ويمكننا القول إن الزخارف الجصية كانت الزخرفة الرئيسية لشتى العمائر من البداية حتى النهاية، فنراها متمثلة في العمائر الباقية كمبنى الجامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله وجامع الصالح طلائع وجامع الجيوشي وأخوة يوسف وجوامع السيدة رقية رضي الله عنها والحصواني ويحيى الشبيه بالقاهرة. مكانة جامع الأزهر العمرانية: ويكاد يكون الجامع الأزهر الشريف أولى العمائر الفاطمية الذي أنشئ بين عامي (359هـ - 361هـ) وتتمثل الزخارف الجصية في خمسة مواضع: 1- في الأجزاء الغربية من جدار القبلة وفي الجدار الشرقي وجزء من الغرب. 2- في الأجزاء المواجهة لحائط القبلة داخل الإيوان في عقود البائكة الخامسة التي تطل على الصحن قبل زيارة الخليفة الحافظ لدين الله. 3- تغطي الزخارف في جميع المحراب. 4- في عقود المجاز الذي يتقدم المحراب. 5- قبة المجاز المليئة بالزخارف الجصية الفنية الرائعة وقوامها النباتات المتنوعة والأشكال الهندسية والأشرطة الكتابية المرئية والمنفذة بالخط الكوفي المزهر (المورق). كما استخدمت الزخارف الجصية على هيئة ستائر لكسوة النوافذ المفتوحة في القبلة إلى جانب إزار يحيط من الكتابات الكوفية وقد نفذت الستائر بالزخارف الجصية على الشكل الهندسي والنباتي كما في جامع ابن طولون عام 265هـ وإن كانت أكثر تطورًا ومهارة.. وأن الجدران المحصورة بين النوافذ خالية ما عدا شريط ضيق يدور حول الزخارف! واستخدم في جامع الحاكم بأمر الله (380هـ - 393هـ) وكانت تفتح في جدران القبلة الشرقية والغربية تغطيها الستائر الزخارف الجصية النباتية والهندسية إلى جانب الأشرطة الكتابية، وأما الكسوة ففي أجزاء من مسجد الحاكم، كما نجد زخرفة المحراب بالجص من الداخل والخارج وتكسو بلاطه المحراب وزخرفة إيوان القبلة إزار من الخط الكوفي المزهر يمتد تحت السقف ويحتوى على آيات قرآنية كريمة. مزيد من الزخارف الجصية: وغني عن البيان أن الزخارف منفذة في جامع الصالح طلائع خارج باب زويلة – باب المتولي – على يسار الذاهب القاصد قصبة رضوان والخيامية والسروجية وكان إنشاء الجامع في عام (555 هـ - 1160م) بالنقوش الجصية النباتية إلى جانب الأشرطة الكتابة الكوفية العادية والآيات الكريمة، وكانت تدور حول رواق القبلة ونوافذ الجامع ستائر جصية تمثل الكتابة.. ولحسن الحظ يحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة بواحدة من الشبابيك الجصية المنقولة من الجامع المذكور وهي نموذج رائع من الزخرفة الجصية الفاطمية وتبدو الكتابة الكوفية تدور في إفريز يشكل عقدًا مدببًا تملأ أرضية الفروع النباتية الدقيقة ونص كتابي من سورة التوبة: قال تعالى: «إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم» (سورة التوبة الآية 111). وربما كانت الصور الزخرفية المستديرة تمثل أهم العناصر وتنتشر في أنحاء المسجد وتبقى بعضها في كوشات العقود في حالة جيدة بينما اختفت المعالم الأخرى مع تصاريف الزمن وتقادمه. (الهوامش: تاريخ الفن في العصور الإسلامية (العمارة وزخرفتها): الدكتور عبدالرحيم إبراهيم أحمد (بتصرف)، التصوير الإسلامي في العصور الوسطى: الدكتور حسن الباشا – دار النهضة العربية القاهرة، تاريخ الفن والنحت والتصوير: الدكتور ثروت عكاشة، تاريخ مصر القديمة وآثارها: الدكتور محمد جمال الدين مختار – القاهرة 1987م). الزخارف الطولونية: حسن الهواري.

مشاركة :