علينا أن نقدم نوعي التدريب بحيث يمكن الاستفادة من أوجه القوة النسبية للتكنولوجيا والتفاعل البشري لتعظيم التأثير في التعلم إلى أقصى حد وإتاحة تدريبنا لأكبر عدد ممكن من الناس. وبالتالي، فإننا سنجعل بعض الدورات والوحدات المقدمة عبر الإنترنت شرطا مسبقا للتدريب المقدم في الفصول الدراسية وسنعمل على تعديل المواد الدراسية التي نقدمها لنستكمل ما نقدمه عبر الإنترنت. إن التدريب لا يمثل إلا جانبا واحدا فقط من جوانب عملنا في مجال تنمية القدرات. فإذا كنا نستطيع إحداث هذا التحول الضخم من خلال التدريب عبر الإنترنت، ألا يمكننا أن نعزز استخدام التكنولوجيا لزيادة تأثير عمل الصندوق في مجال بناء القدرات بصورة أعم؟ فيما يلي بعض الأفكار السريعة، على الرغم من أن الممارسين سيكون لديهم مزيد منها: إنشاء مستودع لتقارير المساعدة الفنية يمكن البحث فيه وإتاحته لجميع المسؤولين. فمخزون الصندوق الضخم من المعرفة الفنية هو شريان حياة المؤسسة. ويمكننا أن ننشئ قاعدة بيانات لتقارير المساعدة الفنية التي يمكن للبلدان الأخرى أن تستند إليها عند النظر في إجراء إصلاحات أو تنفيذ مبادرات محددة بشأن السياسات. وقد يتطلب الأمر كتابة تقارير المساعدة الفنية بشكل مختلف، وخاصة لفصل المواد السرية في ملحقات لا تدرج في قاعدة البيانات. وقد يكون هناك بعض التكاليف الانتقالية، ولكن من المرجح أنها تستحق الفائدة منها. فلن يؤدي المستودع الذي يمكن إجراء بحث فيه إلى زيادة المعرفة المتاحة للحكومات فقط، ولكنه سيجعل المساعدة الفنية أكثر فاعلية أيضا من خلال تحسين تركيز طلبات البلدان وإعداد المسؤولين بشكل أفضل لتلقي المشورة الفنية. - تنظيم لقاءات تعلم بين الأقران من خلال محادثات بالفيديو. فلا يتعين بالضرورة أن يكون صندوق النقد الدولي هو مروج المعرفة الفنية والخبرات في مجال السياسات، ولكننا يمكن أن نعمل أيضا كوسيط لتحقيق التوافق بين المسؤولين الذين لديهم المعرفة والخبرة ذات الصلة وأولئك الذين يبحثون عنها. فإذا كنت صانع سياسات في بلد منخفض الدخل، فإن ما يقوم به اقتصاد متقدم سيكون أقل أهمية مما يقوم به صناع السياسات الذين يمرون، أو مروا منذ وقت قريب، بتجربة مماثلة. ومن خلال استخدام برمجيات المحادثة بالفيديو التي تتيح للناس حول العالم التواصل مع بعضهم بعضا من دون تكلفة، يمكننا إعداد محادثات مثلا بين صانع السياسات في ساموا ونظيره في موريشيوس، مثلما نفعل إلى حد كبير في الحلقات التطبيقية التي تعقد بين الأقران التي ينظمها الصندوق من وقت إلى آخر، ولكن بتعقيدات لوجستية وتكلفة أقل بكثير من حيث الموارد. ولن تتيح هذه الترتيبات إجراء مناقشة غير رسمية لتفاصيل عملية إصلاح اقتصادي معين فحسب، بل ستتيح أيضا مناقشة الجوانب “الأكثر مرونة” لتنفيذه، مثل كيفية تخطي العقبات السياسية أو أفضل طريقة للتواصل مع الجمهور. -تشكيل “أصحاب المهنة الواحدة”. يمكن أن يعمل الصندوق كمنظم، وييسر تشكيل مجموعات عبر الإنترنت على وسائط التواصل الاجتماعي لأغراض التنمية المهنية وتبادل المعلومات المهنية. ويجتمع المسؤولون معا من وقت إلى آخر للمؤتمرات، والحلقات التطبيقية والدورات، ولكنهم قد لا يرون بعضهم بعضا مرة أخرى. أو قد يحصلون على مساعدة فنية بشأن موضوعات مماثلة ولا يتقابلون أبدا. ويمكن أن يرعى خبراء الصندوق مجموعات عبر الإنترنت تربط بين المسؤولين العاملين في مجال معين، على سبيل المثال، معدو النماذج الاقتصادية في البنوك المركزية، باستخدام منصات وسائط التواصل الاجتماعي. ويمكن أن ينشر الأعضاء أحدث المواد المهنية وأن يقارنوا التجارب ويتبادلوا الحلول للمشكلات التي يواجهونها في أعمالهم اليومية. ويمكن أن تكون مثل هذه المجموعات المتعددة البلدان مفيدة بصفة خاصة للاقتصادات النامية التي لديها عدد قليل من الموظفين ذوي الخبرات المتخصصة الرفيعة، الذين لا يكون لديهم عديد من الزملاء في منظماتهم للتشاور معهم وبالتالي يشعرون بالعزلة نوعا ما. كل هذه الأفكار قابلة للتنفيذ؛ حيث إننا نمتلك التكنولوجيا اللازمة. والتكنولوجيا ليست هي العقبة؛ ولكن اعتماد ممارسات عمل جديدة هو الذي يمثل أكبر تحد. وهناك تردد طبيعي في الإقدام على المخاطرة بتجربة أشياء جديدة، وقد يشعر الناس أن نشر معارفهم بالمجان يمكن أن يقلل من قيمة خبراتهم الفردية. ولكننا ينبغي ألا نرى هذه المسألة كمباراة صفرية النتيجة. فتعزيز استخدام التكنولوجيا لنقل المعرفة بطرق مبتكرة لن يلغي طرقنا التقليدية في تنمية القدرات في البلدان، مثلما لم يجعل التعلم عبر الإنترنت دوراتنا المقدمة وجها لوجه عديمة الفائدة. وستسمح لنا هذه الطرق المكملة لبعضها بعضا بأن نكون أكثر فعالية. وعلينا أن نواصل تعديل طرقنا للاستفادة من الإمكانات الكاملة للتكنولوجيا المتغيرة. وستعود الفائدة على الجميع إذا تمكنا بشكل جماعي من الارتقاء بمستوى صنع السياسات الاقتصادية. وسيكون هناك دائما مزيد يمكن أن نتعلمه، لأن الاقتصاد العالمي يتطور بصورة مستمرة، وبالتالي تتطور أيضا تحديات صنع السياسات التي نواجهها. وهذا سبب أكبر يدعو لاستخدام كل ما نمتلك من أدوات لمساعدة صناع السياسات على تطوير أساليبهم ومعارفهم. وكمنظمة دولية، علينا الالتزام بذلك.
مشاركة :