كيف عاد لنا قطار «المجاهدين» العرب ؟! | شريف قنديل

  • 11/25/2014
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

مع كل ظهور لجماعة أو تنظيم "إرهابي" وفقاً للتصنيف السياسي المتغيّر، والشرعي المتغير أيضاً، أتذكَّر يوم صرختُ وأنا أسأل، أو سألت وأنا أصرخ: إلى أين يتجه قطار "المجاهدين" العرب؟! كنت أجلس في مطار كراتشي في ذلك اليوم منتظرًا أي طائرة تقلّني أو تعود بي إلى جدة، حيث مقرّ عملي حينها بجريدة المسلمون والشرق الأوسط، وكنت أتجوَّل في أروقة الصالة فقابلت أبوهشام وسألته: أين تذهب؟ فيرد إلى بلجيكا.. ثم أسأل أبوصلاح إلى أين تذهب؟ فيرد إلى الدنمارك! أعود إلى حيث أجلس فيمرّ أبوسالم ليسألني إلى أين تتجّه؟ فأرد إلى جدة! دقائق أو سويعات وتأتي مجموعة أخرى من "المجاهدين" العرب، الذين يتحلّقون في الصالة -صالة المطار- دون أن يتحدثوا أو حتى يلقوا التحية -تحية الإسلام- على غيرهم من "المجاهدين" العرب الآخرين! ولأنني "مقبول" عند معظم الجماعات في ذلك الوقت بحكم عملي كصحفي، أجدني أتوجه للسلام والتحية، أو التعزية أو التهنئة، وفقاً لمزاج أو رؤية كل جماعة مغادرة لأرض "الجهاد".. قبل أن أسأل أبومصعب إلى أين تذهب؟ فيرد إلى باريس! وأنت يا أبوفاطمة؟ فيرد إلى لندن! وحدهم المصريون من "المجاهدين" العرب، كانوا ينفرون منّي لسبب وجيه أو مؤسف، وهو خوفهم المستمر من أن أكون تابعاً لجهة أمنية؛ أو مخابراتية، في مصر! أتذكَّر ذلك الآن جيداً، كلما صَافَحَت عيني أو حَمْلَقت في صور "الجولاني" أبومحمد، أو "المصري" أبوحمزة، أو "العولقي" أنور، أو حتى "البغدادي" أبوبكر، أو "الزرقاوي" أبومصعب!! إلى هذا الحدّ كان من المعتاد أو "العادي" أو الطبيعي أن تلتقي بواحد من هؤلاء وغيرهم على أرض "جلال آباد"، أو على أرض "كابل" فيما بعد، أو على أرض "بيشاور" فيما قبل.. ولله الأمر من قبل ومن بعد! كتبتُ أصرخ في مطار "كراتشي"، وهذا الكلام أو الصراخ مكتوب ومنشور وموثّق، بل ومعي نسخة منه، أقول وأُحذِّر: إلى أين يتجه قطار "المجاهدين" العرب؟! وقلت فيما قلت إنني أخشى أن يسافر هؤلاء إلى عواصم أوروبا وأمريكا وكندا ويعودون ملغّمين أو كقنابل ملغومة في صدر الأمة الإسلامية! لا أزعم أنني كنتُ أُدرك أنهم سيعودون بهذه الروح المدمرة أو الإرهابية، وإنما كنتُ واثق تماماً من أن أفكارهم لن تتحمّلها دولهم، وأن أساليبهم لن تطيقها شعوبهم! والحق أن هؤلاء وغيرهم في البداية وكما شاهدت وسجلت كانوا يشترون الآخرة بالدنيا.. وكانوا يضحّون بالفعل بحياتهم من أجل الفوز بالآخرة.. أراهم الآن يشترون الدنيا من أجل الدنيا والدنيا فقط! من حسن حظ الأمة أو من لطف الله بها أن هؤلاء لا يصطدمون فقط بدولهم وبشعوبهم، وإنما برفاقهم أو إخوتهم في الزمان الأول، أو قُل في "الجهاد" الأول! إنهم يختلفون مع "القاعدة" على سبيل المثال، وكذا مع "أنصار الإسلام" وغيرها من جماعات وأسماء تمتلئ بها الأمة، أو تبتلى بها الأمة الآن! ولأن ذلك كذلك، فإنهم يكفّرون كل الجماعات والأحزاب الإسلامية -أو قُل الدينية- وكافة رموز التيار الإسلامي في جميع الدول العربية!! لقد تسببت حيازتي لكتاب للداعية الشيخ محمد الغزالي في مقاطعتي والتحذير من الاقتراب منّي، والإدلاء بأي تصريح أو حديث صحفي لي باعتباري "علماني أشر"! شيئاً فشيئاً وعاماً تلو عام يتحوّل ما في ذاكرتي من مشاهد للتضحية والفداء.. للثبات على المبدأ وإعلاء قيم الحق والعدل، إلى كابوس أو دفتر للوجع! شيئاً فشيئاً وعاماً تلو عام يلحّ على ذاكرتي نفس السؤال مع شيء من التعديل: هل غادر قطار "المجاهدين" العرب أفغانستان إلى أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا وعاد إلينا بلا قضبان، فيدهس فينا ويُعربد في مدننا العربية بهذا الشكل؟! sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :