الجامعات المستدامة بين ريادة الأعمال والمسؤولية الاجتماعية (4) – التعليم الرقمي

  • 11/4/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

التقيت العام الماضي برائدة أعمال في الثالثة والعشرين من عمرها, أثناء زيارتي للأحساء, حدثتني عن تجربتها مع مشروعها التجاري؛ إذ التحقت بالجامعة، بقسم على غير رغبتها, لكنَّ الأهل فرحوا كثيرًا بقبولها في الجامعة، خاصة وأنَّ أعداد المتقدمين للجامعات كان كبيرًا, وكان اختبار القدرات قد استبعد كثيرين. وقالت الشابة إنها سألت في “الكلية التقنية” ذات يوم عن الدورات التي تقدمها, فعلمت أن هناك دورة في إصلاح الجوالات لمدة خمسة أيام, فالتحقت بها. وبعد إتمامها، جاءتها رسالة على الجوال بأن من شارك في الدورة يستطيع الحصول على قرض لبدء مشروع إصلاح جوالات في حدود 150 ألف ريال,  لكنَّ المشكلة التي واجهتها، أنَّ الحصول على القرض وتأسيس مشروع, يتطلب ترك الجامعة؛ لأن اللوائح تعامل الطالب بجامعاتنا الحكومية, كموظف حكومي لايمكنه الجمع بين وظيفتين. بدأت رائدة الأعمال الشابة في محاولات لإقناع أهلها بترك الجامعة، لاسيَّما وأن التخصص يخالف رغبتها؛ إذ تطمح إلى تأسيس مشروع تجاري أولًا، ثم تستكمل دراستها لاحقًا. وبالفعل، حصلت على القرض، وافتتحت مشروعها، الذي نجحت- في خلال ثلاثة أشهر- في تغطية مصاريف تأسيسه، بل وحققت أرباحًا. تقول الشابة:”مازلت أرغب في استكمال دراستي”, فأجبتها:” بإمكانك تحويل الرغبة إلى حقيقة، دون التخلي عن عملك؛ وذلك من خلال الجامعات الافتراضية المتاحة عبر الإنترنت؛ حيث توجد جامعات إلكترونية، تقدم برامج علمية، وفي كافة التخصصات. من أهم التحديات التي تواجه الجامعات التقليدية، سيطرة المواقع الإلكترونية بشكل فعَّال على نشر المعرفة والمهارات التي كانت لزمن طويل حكرًا على الجامعات التقليدية. والأكثر من ذلك، أن هناك معارف ودورات دراسية، يمكن الحصول عليها عبر الإنترنت، وفي تخصصات لاتقدمها الجامعات التقليدية. ولاشك في أنَّ المستقبل والتطور السريع بقفزات نوعية وكمية، يضع الجامعات أمام كثيرٍ من التغيرات التي عليها التعامل معها؛ مايعني أنَّ عليها الاعتراف بأن عالم المستقبل- بما يحمله من احتياجات بشرية- يختلف جذريًا عن احتياجات البشر في الماضي، والذي سيتحدد بناءً عليهما ما يريد المرء تعلمه. والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف تعدِّل الجامعات من طريقة التفكير، وتحطم الحواجز التقليدية التي اعتادت عليها والتزمت بها ظاهريًا وضمنيًا؟ ومتى تُعيد تصميم السياسات، وتضع برامج تعليمية جديدة لمواجهة التحديات المعاصرة والمستقبلية، ومواجهة سرعة التطور التكنولوجي، ومايتبعه من تغيرات اقتصادية، وبيئية، واجتماعية؟!. علينا الاعتراف بأنَّ هناك اتجاهًا قويًا إلى “العالم الرقمي” في كل تفاصيل الحياة، وأنَّ الجامعات – بشكلها التقليدي, وبحرم جامعي يتم الذهاب إليه – سيختفي تمامًا لصالح تعليم افتراضي لايحتاج فيه المرء إلى الخروج من منزله.الحصول على الرابط المختصر

مشاركة :