الجامعات المستدامة بين ريادة الأعمال والمسؤولية الاجتماعية (12)

  • 2/10/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

نظام الدولة.. وتشجيع العلماء لم يكن تنوع الحركة بين التخصصات والعلوم المختلفة للعلماء، العامل الوحيد لنجاح حضارة العرب العلمية، وإنما هناك عوامل أخرى في غاية الأهمية؛ مثل نظام الدولة الذي عاش تحت ظله هؤلاء العلماء، فنجد أن الفترات التي ازدهر فيها العلم والمعرفة هي التي كان فيها بلاط الخليفة يشجع العلم ويفتح له الأبواب على مصراعيها، فكان العصر الذهبي، هو عصر الخليفة المأمون الذي كان باحثًا ومهتمًا بالكيمياء، فازدهر العلم في عصره وكان الإنتاج غزيرًا. إن ازدهار الدولة، يعود إلى تشجيعها العلم، فكانت الدولة في ذلك الوقت إسلامية كنظام حكم، فالتفسير الصحيح للدين، أعطى مساحة لحرية العلم، والفنون، والثقافة، والفلسفة؛ وهوعامل رئيس يتعلق بما نُطلق عليه فكر مؤسسة الدولة، والأيدلوجية الفكرية والعقائدية التي تتبعها، وخاصة علاقة الدين بالعلم، فمن خلال التفسير الديني، تزدهر العلوم، والثقافة، والفنون، أو تُقيَّد وتُحجَّم. وبالقياس على عصرنا الحديث، نجد في الولايات المتحدة الأمريكية سمة هامة، فعلى الرغم من أنها جمعت تحت حكمها أعراقًا عديدة، وطوائف فكرية وعقائدية متنوعة، لكنَّ النظام الأمريكي يأخذ بثقافة الصَّهر في البوتقة؛ ما يجعل ولاء جميع الأعراق لأمريكا من خلال نظام مؤسسي، يحقق إشباعًا لكل من يعيش تحت مظلته، ويشجع على العلم؛ لذا أصبحت قوة علمية عظمى في العصر الحديث. يفد إلى الولايات المتحدة، كثيرون من دول أخرى لا تشجع فيهم قدراتهم المتميزة، فتحتويهم أمريكا وتُخضِعهم لسياسة الصهر، فتجدهم يثبتون وجودهم، ويصبح انتماؤهم لأمريكا التي استبعدت العرقية والطائفية في التعامل معهم.  إذا ما طبقنا هذه الحالة على الدولة الإسلامية العربية، فنجد أنها جمعت تحت مظلتها أعراقًا عديدة، وأخذت بأيدلوجية الصهر والطوق الثقافي من خلال نطاق دولة ولغة عربية – باعتبار أن اللغة ليست فقط حروفًا وصوتًا، وإنما معنى ومحتوى ثقافي. وقد تجلَّى ذلك في أسماء العلماء الذين ولدوا تحت مظلة الدولة الإسلامية العربية  وتشربوا ثقافتها وفكرها؛ مثل العلماء الذين حملوا أسماءً عربية بالرغم من أنهم جاءوا من أعراق مختلفة، كابن سينا –اسمه  أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، والبيروني –اسمه أبو الريحان محمد بن أحمد البَيْرُوني، والخوارزمي –اسمه أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي ، وعمر الخيام – اسمه غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام. إنَّ مؤسسة الدولة هي التي تشجع أو تعيق العلوم والثقافة والفنون؛ لذا يجب أن البحث دائمًا حول الطرق التي نوجِد بها نظامًا مؤسسيًا، ينتج عنه علماء في جميع المجالات دون استثناء. د.حنان عبدالله عنقاوي وكيل كلية العلوم الإدارية والمالية السابق  الحصول على الرابط المختصر

مشاركة :