يسميها البعض (هواية) ويسمّيها البعض الآخر (تسلية)، يراها البعض (ترفًا اجتماعيًا) ويصفها فريق آخر بأنها (محاولات مريضة للتباهي). وقد تكون كلّ ذلك، كما أنها أكثر من ذلك: إنها الظاهرة المفزعة التي ظهرت في مجتمعنا في الآونة الأخيرة المتمثّلة في اقتناء الحيوانات المفترسة والسباع وتربيتها في البيوت!! ووسط الأحياء السكنية. هذه الظاهرة الآخذة بالتنامي والتوسّع والانتشار أصبحت هاجسًا يؤرّق كلّ بيت وتهدّد حياة الناس وتتسبّب في ترويعهم بسبب سفه البعض ورغبتهم في التمايز والتباهي بشكل شذ عن المألوف، وخرج عن إطار المقبول. هذه الهواية التي لا تكترث بالآخرين وتخرج عن إطار الحرّيات الشخصية فيها اعتداء سافر على حقوق الآخرين، وتشكّل خطورة بالغة على حياتهم هي ممارسات ينبغي أن تُجرّم لعدم قانونيتها وخطورتها على الفرد والمجتمع. فبعد تمساح الأربعين ظهر أسد مكة المكرّمة الذي تفلّت في الشوارع واليوم يظهر لنا ضبع حي الزهراء بجدة ونمرا الهدا في الطائف، وما خفي كان أعظم، كلّها حيوانات مفترسة تفلّتت في الشوارع. كل تلك الحيوانات المفترسة والمتوحشة من المسؤول عن دخولها إلى البلاد، والاتجار بها، واقتنائها بهذه الصورة التي تعرّض حياة الآخرين للموت!!؟؟ إن خطورة هذه الحيوانات لا تقف عند حدّ الخطر المحدّق بسكّان المنزل الذي يقتنيه بل يتعدّاه لكل من يدخل تلك المنازل.. ولكل المجتمع إذا ما فرّ هذا الحيوان من البيت الذي يسكنه وخرج إلى الشارع، وهي حوادث وقعت فعلاً. وفجرّت العديد من الأسئلة خلفها: ما ذنب من خرج إلى الشارع ليجد نفسه في مواجهة أسد أو نمر أو فهد اقتناه أحد السفهاء ثم أطلقه في الشارع أو هرب الحيوان بذاته؟. ماذا لو قفز هذا الحيوان على مدرسة أطفال؟. ماذا لو هاجم من وجده أمامه؟. وكيف يمكن للشخص العادي أن يتصرّف وهو يواجه سبعًا؟. وماذا يمكنه أن يفعل الشخص غير المؤهل في مواجهة موقف كهذا؟.. هل أصبحنا نعيش (سيركًا) مفتوحًا بعشوائية وفوضى، نخرج من بيوتنا ونحن لا نعلم ماذا قد نجد في الشارع؟. أو ماذا قد يقفز إلى داخل أسوار بيوتنا من حيوانات مفترسة أراد بعض السفهاء أن يتسلّوا بها؟.. إن الكوارث التي سيحصدها المجتمع بسبب هذه الممارسات غير المسؤولة عظيمة جدًا.. فهذه الحيوانات مهما ظن من يقتنيها أنها لطيفة لن تنسى يومًا غريزتها التي خُلقت بها؟. ولا يمكن أن يقوم بترويضها وهو شخص غير مؤهل أصلاً. حتى لو وَهِمَ ذلك. من يمكنه أن يلغي طبع سبع منه!!؟. ولنا في قصة المدرّب (الحلو) عظة وعبْرة، فقد كان مروضًا محترفًا لكنه لقي حتفه بين فكي أسده الذي ربّاه صغيرًا. إن الوضع خطر للغاية، ويحتاج إلى تحرّك الجهات المسؤولة بحزم تجاه مقتني هذه الحيوانات وتجّارها، فهذه الحيوانات حينما يتم اقتناؤها فإنها لا تعيش في البيئة الطبيعية المناسبة لها، وتهدّد مجتمعنا بأمراض خطيرة إضافة إلى خطر الافتراس والهجوم والأضرار البيئية والصحية. إن الفراغ الذي يعاني منه البعض فيدفعه إلى محاولات لفت الانتباه وإثبات التميّز بالتباهي بكل شاذ وتصرّف مستهجن لا يدفع ثمنه هذا المستهتر الفارغ وحده، بل يدفع الثمن معه آخرون لا ذنب لهم سوى أنه لم يُضرب بيد من حديد. إن اقتناء الحيوانات البرّية داخل المنازل هو كسر صريح للقانون وتهديد للأمن العام، واعتداء يرفضه الشرع لما فيه ترويع للناس وتهديد لحياتهم، ومازلنا لا نجد موقفًا حاسمًا حازمًا يعاقب أصحاب تلك الهوايات الشاذة!!. فهل ننتظر أن يموت عشرات الناس بين فكي أسد أو ذئب لنجد من يلتفت إلى خطورة الأمر؟. متى نخرج من دائرة ردود الأفعال إلى إجراءات الوقاية والحماية وعقاب كل من يستهتر بحياة الآخرين وسلامتهم؟!. لماذا ننتظر دومًا أن تُزهق الأرواح لنعترف أن الأمر خطأ كبير وجريمة عظيمة!. هل يدفع ثمن استهتار البعض أبرياءٌ لا ذنب لهم سوى أنّ سفهاء أرادوا أن يتسلّوا في فراغهم؟!. إنني أناشد أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله أن يضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه اقتناء هذه الحيوانات، وتكليف الجهات المسؤولة لمتابعة تجارها، والعيادات البيطرية التي تقدّم خدماتها لحيوانات مفترسة حرص مقتنؤها على تدليلها والعناية بها وإطعامها وكان الأجدر تسخير ذلك المال لسدّ جوع كثيرين لا يجدون من يسد جوعهم أو يعالجهم من البشر. ومعاقبة كل من يثبت أنه يربي حيوانًا مفترسًا أو سبعًا في بيته أو استراحته أو مزرعته، وأن يؤدي الناس دورهم في الإبلاغ عن هؤلاء وإلاّ وجدنا أنفسنا وأبناءنا ضحايا هوايات السفهاء. إنه (سبع) يا أميرنا، ويحتاج إلى قرار (حازم) ليردع هؤلاء المستهترين. alshaden@live.com
مشاركة :