قبل ثلاث سنوات كنت في دورة تدريبية إعلامية، يومها كُـلفت بتحقيق صحفي، تطلَّب زيارة الكنيسة الكاتدرائية المُرْقُـسِـيّة بالعباسية؛ فوجدتها خلية نَـحَـل طوال اليوم (دروس ومحاضرات ، ودورات تدريبية ، واستقبال وتوزيع للصدقات)، وفيها مكتبات عامة للثقافة والاطلاع ، وأخرى تجارية تبيع المطبوعات الدينية! حينها تذكرت الـدّور الغائب أو المُـغَـيّــب للمساجد في خدمة المجتمع؛ فدورها قاصـر على كونها ظَـرفاً مكانياً لأداء الصلاة (مع أن الصلاة يمكن أن تُـقَـام في أي مكان) ، وأما خطَـب الجمعة فهي في الغالب أداء واجب؛ يسحبها العديد من الأئمة من مواقع الإنترنت، ولذا ربما كانت بعيدة عن حاجات المجتمع، وخَـلَـت من العاطفة والتأثير في المستمعين! هذا الموضوع طرحته هنا قبل أربع سنوات وأعيد طرحه اليوم مع الـحِـرَاك الذي تشهده وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد مع حضور معالي وزيرها الجديد الدكتور سليمان أبا الخيل! ففي بلادنا عشرات الألوف من المساجد يمكن أن تحمل لواء قيادة المجتمع فِـكرياً وتربوياً، وتؤدي وظيفتها العظيمة في الإسلام؛ فالمساجد في حقيقتها وأصل وضعها جامعات مفتوحة، وواجبها أن تكون في الأحياء مصدر إشعاع وتنوير. فـمباني المساجد المغلقة معظم ساعات اليوم يمكن أن تُـسْـتَـغَـل لتكون مركزاً علمياً مصغراً للحي يضم: مكتبة، وقاعة تحتضن أفراد الـحَـي كباراً وصغاراً رجالاً ونساء، لِـتُـقَـدّم لهم دروساً متنوعة، ودورات تدريبية في جميع مناحي الدين والحياة ومنها دورات للمقبلين على الزواج (مثلاً). أيضا يمكن للمسجد أن يكون مرصداً يتفقد المحتاجين في مُـحِـِـيْـطه، ويقدم لهم العون والمساعدة في شتى صورها. وحتى يتحقق هذا الـحُـلم أو بعضه أكرر ما كررته سابقاً بأهمية أن تكون وظيفتا الإمام والمؤذن رسميتين يتفرغ لهما مؤهلون بدورات تخصصية، وأن يكون لكل مسجد مجلس إدارة منتخب من الحي، يُـشْـرف عليه، ويخطط لبرامجه وفعالياته؛ فهل تدرج وزارة الشؤون الإسلامية تلك الطموحات ضمن برامجها وخططها؟! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :