* أتذكَّرُ في زمنٍ سابقٍ وحينما كُنَّا صغاراً... كانتْ الألفاظُ.. ومناداةُ الآخرين أحدَ أهمِّ عواملِ التربيةِ أسريَّةً.. ومجتمعيَّة.. فالصغيرُ في السنِّ لا يُنادي كبيرَه (حافاً ) باسمِهِ.. وللأبِ مكانةٌ مميزةٌ ورفيعةٌ.. من الاحترامِ والتقديرِ لفظاً.. وسلوكاً... واعتباراً * وفي المجتمعِ.. للكبيرِ مكانتُه في كلِّ شيءٍ مناداة.. وتعاملاً.. واعتباراً فكبيرُ الحارةِ.. العمدةُ.. يفْصِل حتى بين أفرادِ الأسرةِ.. وحُكمُه نافذٌ... وللمدرِّسِ هيبةٌ كبيرةٌ.. فلا لفظَ غيرَ لائقٍ يُقالُ.. ولا لبسَ غيرَ مناسبٍ يتمُّ.. ولا سلوكَ مساوياً.. في حضرتِه... * هذه الصورةُ التي تكادُ تقتربُ من المثاليَّةِ.. انعكستْ داخلَ المجتمعِ... فالتعاملاتُ اليوميةُ.. والسلوكياتُ فرديةً كانت أم جماعيةً.. كانتْ تتسمُ بالأدبِ واللياقةِ.. فقلَّما تسمعُ كلمةً نابيةً.. وقلَّما ترى سفهاً وفحشاً في الخصامِ... * المؤسفُ أن تحوُّلاً غيرَ طبيعي حدثَ في مجتمعِنا أفراداً.. وجماعاتٍ.. وأسراً.. أفرز خللاً بنيوياً خطيراً.. فلا المكانةُ التي كان يتمتَّعُ بها الأبُ.. استمرتْ ولا المهابةُ التي كان يعيشها المعلّمُ... والكبيرُ قائمةٌ.. بل المحزنُ أن المَشاهدَ اليوميةَ توضِّحُ بجلاءٍ.. انعدامَ التهذيبِ في الألفاظِ.. والسلوكياتِ * الكلماتُ البذيئةُ.. تتطايرُ مثلَ الشررِ في كلِّ مكانٍ.. وزاويةٍ.. والتوترُ يسودُ الأغلبية.. والمشاجراتُ تملأُ الفضاءَ المجتمعيَّ.. وكأنَّ المجتمعَ بغيرِ ضابطٍ!! * يَحْكي لي أحدُ الإخوةِ.. كيف عاملَ موظفًا سائقاً له في المناداةِ.. والاعتبارِ بألفاظٍ نابيةٍ جداً.. وبلا قيمةٍ وكأنَّه غيرُ إنسانٍ.. ويقولُ لي هلْ نتصوَّرُ أن يحدثَ هذا في جهةٍ كهذِه؟ * التهذيبُ.. واللياقةُ اللفظيةُ.. والسلوكيَّة يجبُ أن تكونَ من أولوياتِنا فالأخلاقُ أساسُ كلِّ مجتمعٍ يودُّ الاستمراريةَ.. والتطوُّرَ.. وبدونِها يتحوَّلُ إلى غابةٍ بلا ضابطٍ aalorabi@hotmail.com
مشاركة :