موجبات الحماية الاجتماعية المعممة «1من 2»

  • 1/31/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

تضع البلدان في مختلف أنحاء العالم نصب أعينها هدف توفير الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين أو المقيمين على أراضيها، وهي تقوم بذلك عموما من خلال مزيج من التأمينات الاجتماعية العامة والمساعدات الاجتماعية. وتتضمن الحماية الاجتماعية، أو الضمان الاجتماعي، منافع نقدية وعينية تقدّم للأطفال والأمهات والأسر، ودعما للمرضى والعاطلين عن العمل، ومعاشات تقاعد لكبار السن والمعوقين. ولا تقتصر برامج المنافع هذه على الفقراء؛ إذ إن أي شخص قد يتعرض للإصابة بمرض، أو يفقد وظيفته، أو ينجب طفلا - والجميع حتما يتقدمون في العمر. وتدرك الحكومات وجود احتياجات شاملة بين مواطنيها، ما يعكس المخاطر التي من المرجح أن يتعرض لها الجميع مرة واحدة على الأقل في حياتهم. وعلى المستوى الدولي، فإن "أهداف التنمية المستدامة" التي وضعتها الأمم المتحدة، واعتمدها قادة العالم في 2015، تلزم البلدان بتطبيق نظم حماية اجتماعية "معممة" للجميع، تكون ملائمة على المستوى الوطني، بما في ذلك وضع حدود دنيا لها؛ للحد من الفقر، ومنع الوقوع فيه. ويؤكد هذا الالتزام الاتفاق العالمي بشأن مد نطاق التأمين الاجتماعي وفق "توصية منظمة العمل الدولية بشأن الأرضيات الوطنية للحماية الاجتماعية" في 2012، التي اعتمدها العاملون وأصحاب العمل والحكومات من جميع البلدان. ولكن رغم التقدم الكبير في مد نطاق الحماية الاجتماعية في أجزاء كثيرة من العالم، فإن نسبة سكان العالم المشمولين فعليا بمنفعة واحدة على الأقل من منافع الحماية الاجتماعية لا تتجاوز 45 في المائة، بينما النسبة الباقية، وهي 55 في المائة؛ أي أربعة مليارات نسمة - فلا يتمتعون بأي حماية. وتقترن الفجوات في التغطية بالقصور الكبير الذي يشوب الاستثمار في الحماية الاجتماعية، ولا سيما في إفريقيا وآسيا والدول العربية. فالمنافع قليلة في كثير من البلدان، ما يعرض شعوبها إلى المخاطر. وعلى الجانب الإيجابي، يمضي كثير من البلدان متوسطة الدخل بخطى سريعة، وهناك عدد كبير من البلدان التي بلغت مستوى التغطية المعمّمة أو أوشكت على بلوغه. والحماية الاجتماعية المعممة عنصر رئيس في الاستراتيجيات الوطنية؛ لتشجيع التنمية البشرية، وتعزيز الاستقرار السياسي، وتحقيق النمو الاحتوائي. ويتبين من الأدلة، إضافة إلى الحد من الفقر وعدم المساواة، فإن نظم الحماية الاجتماعية جيدة التصميم التي تمنح منافع كافية هي أيضا: - تسهم في تحقيق النمو الاحتوائي؛ فهي تزيد الإنتاجية، وتحسن إمكانات توظيف العمالة بتعزيز رأس المال البشري، ما يزيد الاستهلاك والطلب في السوق المحلية، ويسهل حدوث تحول هيكلي في الاقتصاد. - تعزز التنمية البشرية؛ فالتحويلات النقدية تسهل الحصول على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، وتشجع على زيادة معدلات الالتحاق بمراحل التعليم المختلفة، وتحدث خفضا في معدلات تشغيل الأطفال. - تحمي السكان من الخسائر الناتجة عن الصدمات؛ مثل: هبوط النشاط الاقتصادي، أو الكوارث الطبيعية. - تبني الاستقرار السياسي والسلام الاجتماعي، بالحد من التوترات الاجتماعية والصراعات العنيفة. رغم التقدم الكبير الذي تحقق في توسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية على مستوى العالم، انتهج عدد من البلدان سياسات لضبط أوضاع المالية العامة، أو سياسات تقشفية منذ عام 2010. وهذه العمليات قصيرة الأجل لتصحيح أوجه الإنفاق العام، بما فيها الإنفاق على الحماية الاجتماعية - غالبا ما تقوض جهود التنمية طويلة المدى، وهذا أمر معروف في البلدان مرتفعة الدخل، التي قلصت مجموعة من منافع الرعاية الاجتماعية. فإلى جانب إصلاحات سوق العمل التي خفضت الأجور، وأضعفت قوة التفاوض الجماعي، أدت هذه التدابير إلى تراجع نسبة العمالة، وأسهمت في زيادة الفقر. ويؤدي تراجع مستويات دخل الأسرة إلى انخفاض الاستهلاك المحلي، وانخفاض الطلب، ما يؤدي بدوره إلى إبطاء الانتعاش الاقتصادي. ومع هذا، فإن ضبط أوضاع المالية العامة يحدث كذلك في معظم الاقتصادات النامية ... "يتبع".

مشاركة :