البَحث عَن لُقمة العَيش صُداع لَا يَنتهي، وكُلّ كَائنٍ فَوق هَذه البَسيطة؛ لابد وأنْ يَكون مَهموماً بالبَحث عَن هَذه اللُّقمَة، التي بدُونها لَن تَكون لَه حيَاة..! ويَتطوّر البَحث عَن اللُّقمَة مِن كَونه مَصدراً للرِّزق؛ إلَى أنْ يُصبح هَاجساً عِند البَعض، لَا يُفارق مخيّلتهم لَيلاً ونهَاراً، حتَّى وإنْ صَعدوا عَالياً في مَدَارج الإبدَاع، بَل إنَّ هَاجِس البَحث عَن لُقمة العَيش يَتحوَّل - مَع مرُور الوَقت- إلَى المَسَار الوَحيد في الحيَاة، ولَا مَسَار غَيره، وهَذه الحَالة -بالذَّات- هي التي وَصل إليهَا الشَّاعِر الكَبير «بيرم التونسي»، حَيثُ يَروي عَنه الكَاتِب المِصري الأنيق «عبدالوهاب مطاوع» قَائلاً: (لقَد كَتَب «بيرم التونسي» أعذَب كَلِمَات الحُب، التي غَنّتها «أم كلثوم» مِن ألحَان «زكريا أحمد»، وحِين دَخَل «بيرم» عَلى «أم كلثوم» حُجرتها؛ بمَسرح الأزبكيّة في الاسترَاحة خِلال إحدَى حَفلَاتها، بَعد أنَّ قَدَّمت أُغنيته الرَّقيقة «الآهَات» لأوّل مَرّة، وَجَدَ المُعجبين مِن كِبَار القَوم حَولها، يُشيدون بفنّها وبكَلِمَات الأُغنية الجَميلة؛ التي كَتَبَها «بيرم»، فتَوقَّعت «أم كلثوم» أن يُسعده ذَلك، أو يُعلّق عَليه بكَلِمَة تُعبِّر عَن رِضَاه، أو شُكره للمَادحين، فلَم يَزد عَن أنْ قَال لَها بلَهجة التَّحذير: المَرَّة القَادِمَة بثَلاثين جنيه! أي استعدِّي لأن تَدفعي «علاوة» خَمسة جُنيهَات عَن تَأليف الأُغنية القَادِمَة، وكَان ثَمَن أُغنية الآهَات 25 جُنيهاً)..! إنَّ البَحث عَن لُقمة العَيش هَاجسٌ كَبير، يَجعل الإنسَان مَذهولاً؛ حتَّى في أَحلَى سَاعَات التَّفوُّق والنَّجَاح، مِثلَما رَأينَا في حكَاية «بيرم التونسي»..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُؤكِّد أنَّ هَذه القصّة لَم أَذكرها عَبثاً، أَو مِن بَاب استعرَاض العَضَلات، ولَكن ذَكرتها لتَأكيد مَكانة لُقمة العَيش، وتَوفير فُرص العَمَل للشباب، لأنَّ البَطَالة والجوع؛ يَجعلان النَّاس مِن المُسْتَائين، بل مِن المُحطَّمين اليَائسين..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :