خطيب جامع أبوحامد الغزالي: معتقدات أعدائنا مبنية على محونا من الوجود فلماذا نغفل عن تحذير ربنا من مكرهم؟

  • 4/13/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تحت عنوان «أيام الله في شعبان تربط الحاضر بالماضي» كانت خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ أحمد مهنا السيسي في جامع «أبوحامد الغزالي» أمس.. حيث قال إن أعداء الإسلام يحاربوننا من خلال معتقداتهم الباطلة المبنية على محونا من الوجود, وإن هادنوا فإنهم يرتبون لانقضاضة أخرى.. فكيف نغفل عن تحذير ربنا من مكرهم؟ وفيما يلي نص الخطبة: من حكمة الله وفضله الجزيل أن جعل أياما مضيئة للمسلمين تربط حاضرَهم بماضيهم المجيد، وتجدد الأمل في نفوسهم فينهضوا، لأن الغفلة عن إحياء ذكر هذه الأيام والأخذ بعظاتها تطفئ فينا روح التأسي فنضعف ونضيع وتتشتت الأجيال وتبتعد عن أولويات الحياة، إذ إن كل ساعة من أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من أيام الله تبارك وتعالى سواء في عبادته أو جهاده أو تربيته أو معجزاته الحسية والمعنوية، فالذين تأسوا به واتبعوا آثاره حققوا الانتصارات تلو الانتصارات وشادوا الحضارات. إن أعداء الإسلام يحاربوننا من خلال معتقداتهم الباطلة المبنية على محونا من الوجود، وإن هادنوا فإنهم يرتبون لانقضاضة أخرى، فكيف نغفل عن تحذير ربنا من مكرهم؟! أيها المسلمون، ها هو شعبان شهرُ أيامِ الله وموسمٌ من مواسم المسابقة إلى الخيرات، فِيه تَحويل القبلةِ مِنَ المسجدِ الأقصَى إلَى الكعبةِ المشرّفةِ، في العام الثاني للهجرة وهي من الحوادث الفارقة.. وبذلك تحققت أمنية عزيزة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، قال تعالى: «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ». لقد أبانَ تحويلُ القبلةِ المؤمنينَ الصادقينَ من غيرِهم، فالمسلمون قالوا: سمعنا وأطعنا، وآمنّا به كلّ من عند ربّنا، والمشركون قالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع لديننا، واليهود قالوا: خالف قبلة الأنبياء، ولو كان نبيّاً لاستمرّ في صلاته إلى قبلتهم. والمنافقون قالوا: ما يدري محمّد أين يتوجّه.. فردّ الله عليهم بقوله: «سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ..». وقوله تعالى: «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا» يدل على عظم مكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه من خلال كلمة (ترضاها).. أما وحدة القبلة ففيها أن وحدة الأمة قوةٌ تردع الطامعين في خيراتها، وضرورة لأنها أمة ذات مصير واحد. أما تعدد وتنوع قول السفهاء من الناس فذلك يأتي لصرف المسلمين عن الوجهة الواحدة فيتشتتوا ويضلوا عن طريق النجاة والسلامة، فما أحرانا اليوم رعاة ورعية بالأخذ بدروس تحويل القبلة فلا نلتفت لقول سفهاء العصر ووعودهم، فإن سبيلهم فتُّ عضد هذه الأمة وفتور همّتها، وانكفاء إقدامها، فمن دلَّ الطريق لا ينبغي أن يسلك طرق الضياع، فآثار عدوانهم شاهدة في بلاد كانت سندا وسدّا منيعا لأشقائها، فلنسرع لإيقاف سيل الفتن قبل أن يجرفنا. لقد تساءل المؤمنون عن مصير من ماتوا من إخوانهم ممن صلَّوا مولّين وجوههم قبل بيت المقدس، فأنزل الله تعالى: «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ» يعني صلاتكم وفيه دليل على حرص المؤمن وحبه لأخيه. ومن أيام الله في شعبان تأييد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، بمعجزة باهرة ألا وهي انشقاق القمر، قال تعالى: «اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَة يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ». هَا هو شهرُ شعبانَ قد أتى بخيراتِهِ ونفحاتِهِ، فلنغتَنِمْ أيّامَهُ بالصالحات فهو شهر يحبّه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقد أضافه سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم الى نفسه فازداد شرفا وفضلا. روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمّتي» فكان يصومهُ كلّه أَو غالبهُ، كما جاء عن السيدةِ عَائشة رَضِيَ اللهُ تعالى عنها، وهو شَهرٌ تُرفعُ فيه الأَعمالُ، فهنيئا لمن رُفع له فيه عملٌ صالح. وفيه تهيئةٌ للنفوسِ الطاهرةِ لشهرِ رمضانَ المبارك. ومِن فضائلِ شهرِ شعبانَ أنَّ فيهِ ليلة عظيمة هي ليلة النّصفِ مِن شعبانَ وهيَ ليلةٌ مباركةٌ فلنسارع لاغتنام بركة العمل الصّالح فيها.

مشاركة :