المنهج النبوي في الاقتصاد والتجارة الوضع الاقتصادي والتجاري للعرب قبل الإسلام (1)

  • 5/7/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن جزيرة العرب - يومًا -خالية من أي نشاط اقتصادي سواء قبل الإسلام أو أثناء انتشار الإسلام، فقد احتلت التجارة الجزء الأكبر من حياة الإنسان العربي، بالإضافة إلى بعض الأنشطة الأخرى مثل الرعي والزراعة في بعض المناطق وتصنيع القدور والأواني والفخاريات والسيوف والأسلحة التي كانت معروفة في ذلك الوقت وما إلى ذلك، فقد كانت الأسواق التجارية على اختلاف أنواعها منتشرة في العديد من المدن العربية، ليس ذلك فحسب بل اشتهرت العديد من المدن العربية بأنها مدن تجارية سوقية، وذلك لأنها كانت تقع آنذاك على طريق التجارة البرية وربما البحرية، ومن أمثلة تلك المدن والأسواق: عدن، وصنعا، وعكاظ، وذي المجاز، ودومة الجندل، وصحار، والمشقر. وكانت تلك الأسواق تعج بالعديد من البضائع الرخيصة أو الغالية الثمن مثل: البخور، والسيوف، والجلود المدبوغة، والزيوت والعطور والمصوغات المختلفة، بالإضافة إلى اللآلئ والجواهر، وكذلك التمور والأغذية والألبان والحبوب والدقيق ومعظم المستلزمات التي كان يحتاج إليها سكان المنطقة وشعوبها. أنواع الأسواق في جزيرة العرب واشتهرت الجزيرة العربية بعدة أنواع من الأسواق، ويمكن أن نلقي بعضًا من الضوء على نوعين من تلك الأسواق حتى نتدارس واقع الوضع الاقتصادي والتجاري آنذاك، وهما: الأسواق الدائمة والأسواق المؤقتة أو الموسمية. أولاً: الأسواق الموسمية كانت الأسواق الموسمية تُعد وكأنها معارض تجارية، إذ كانت تقام في أماكن متعددة من شبه الجزيرة العربية وبحماية قبائل مختلفة وضمن أوقات متفاوتة، فمنها أسواق كانت تعقد في الأشهر الحرم، وهي أربعة: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وكانت المناطق المحيطة بالكعبة حرما دائما، ومنها سوق حجر اليمامة الذي يستمر حتى نهاية المحرم، وسوق نطاة الذي كان يستمر عشرة أيام، وسوق حباشة وسوق صحار وسوق دبي وسوق حضرموت وسوق عكاظ الذي كان يستمر عشرين يومًا خلال شهر ذي القعدة، وسوق مجنة وسوق ذي المجاز. ثانيا: الأسواق الدائمة وكانت الأسواق الدائمة تقام عادة في وسط المدينة أو القرية أو أمام معبد أو عند ملتقى الطرق في مكان محايد يمكن رؤيته من مسافة بعيدة أو في ميدان واسع يتصل بطريق يبدأ عند بوابة المدينة. وكانت الحوانيت تقام على جانبي الطريق وتخضع لإشراف السلطة التي كانت تعين موظفًا يراقب عمليات البيع والشراء ويشرف على تطبيق الأنظمة ويمنع الغش ويحصِل الضرائب من الباعة، وكانت هذه الأسواق الدائمة تستمر طوال العام، وكانت غالبية المدن تعد أسواقًا دائمة. وقد يقتصر تبادل السلع فيها بين المقيمين أو بينهم وبين الذين يفدون إليها من البلدان والمناطق المجاورة. وقد يوجد في المدينة الواحدة أكثر من سوق، فالبتراء مثلاً كانت تضم ثلاث أسواق تباع فيها سلع متنوعة، بينما تخصصت أسواق أخرى في بيع سلعة معينة. فقد كان للعطارين سوقهم ولباعة الفخار سوقهم ولباعة الماشية سوقهم، ومثل ذلك. وتصنف بعض الأدبيات الأسواق العربية إلى ثلاثة أصناف، وهي: 1- أسواق تخضع لنفوذ أجنبي وتدار بنظم خاصة وتغيب عنها الصبغة العربية، وهي الأسواق التي كانت تقام في أراض سيطر عليها الفرس والروم. 2- أسواق أقامها العرب في شبه الجزيرة العربية تلبية لحاجتهم إليها فصارت تمثل عاداتهم في البيع والشراء والخصام والزواج والحقوق.. إلخ. 3- أسواق ذات صبغة مختلطة، كأن تكون على ساحل البحر كعدن وصحار ودبي، وفيها يجتمع التجار من شتى البلاد. وسواء أخذ بالتقسيم الأول أو بالتقسيم الثاني أو حتى ببعض التصنيفات الأخرى إلا أنه من المعلوم أن الأسواق العربية كانت تقام في مواسمها، وعندما انتقلت أعداد كبيرة من العرب للسكن في المدن الكبرى في بلاد الشام والعراق ومصر وفارس تضاءلت أهمية بعض الأسواق وربما انمحت ورسخت أقدام التجار في المدن والثغور. zkhunji@hotmail.com

مشاركة :