المنهج النبوي في الاقتصاد والتجارة:مكة والتجارة قبل الإسلام

  • 5/10/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إن كانت جزيرة العرب تُعد نقطة التقاء خطوط التجارة العالمية آنذاك، فإن مكة المكرمة كانت تتوسط هذه الخطوط، فقد كانت نقطة التقاء لخطوط التجارة بين اليمن والشام وبقية الأقطار التي كانت معرفة في ذلك الوقت. لذلك تميزت بعلاقاتها التجارية الواسعة، إذ إنها ارتبطت بعلاقات تجارية ناشطة مع معظم أنحاء الجزيرة العربية وبلاد الشام وكذلك اليمن، وربما ما عضد هذه المكانة مكانتها الدينية، إذ كان العرب في كل الأقطار المحيطة يحجون إليها طوال العام، لذلك أصبحت حاضرة تجارية وتوسعت على مدى الأيام وخاصة في الأشهر الحرم. في مكة المكرمة كمدينة مقدسة كان يطلب من العرب وقف نزاعاتهم طوال مدة إقامتهم فيها، كما وضع نظام صارم لضمان سلامة التجار والناس الراغبين في دخول الحرم ليس أثناء وجودهم في الحرم فقط بل حتى أثناء الطريق إلى مكة وذلك ليس بصورة اعتباطية بل بموافقة أبناء القبائل المجاورة لخطوط السفر، وأدى هذا النظام - كما أشارت العديد من المراجع - إلى التوسع التجاري الذي أدى بدورة إلى إنشاء العديد من الأسواق في مكة وخارجها، وهكذا توسعت المنطقة المقدسة لتشمل الأسواق التي كانت تقام في الأشهر الحرم بالتوافق مع الحج، فأصبح دين ذلك الزمان متوافقًا مع التجارة بحيث كان نجاح أحدهم يؤدي إلى ازدهار الآخر. وأضحت تجارة المدينة المحلية تعتمد على مكانتها الدينية، فكانت التجارة جزءا من نظام مكة المكرمة. وجاء التحول الحقيقي في مكانة مكة مع تحول تجارتها من تجارة محلية وموسمية إلى تجارة دولية مستديمة إلى حد كبير، وتحقق هذا التغيير الكبير على يدي هاشم، الجد الأعلى للرسول صلى الله عليه وسلم، الذي عاش في منتصف القرن السادس الميلادي. وأدرك تجار مكة أن بوسعهم ملء الفراغ في التجارة الدولية وأسرعوا إلى فعل ذلك. وتزامن هذا التحول مع صراع بدأت إشارات حدوثه تظهر بوضوح بين الساسانيين والبيزنطيين للسيطرة على الطرق والمراكز التجارية في شبه الجزيرة العربية، وإذا بمكة المكرمة تبدو جاهزة الآن لملء الفراغ والاستفادة من الوضع الجديد، خصوصًا أنها كانت قائمة على ملتقى الطرق التجارية الرئيسية وتتمتع بخبرة جيدة تؤهلها لتبوء هذا المركز، فضلاً عن الصلات الضرورية، ثم أن تجارتها الداخلية كانت تتمتع بفائض كبير يمكن تحويله إلى الأسواق الخارجية، ولما كان من الضروري بإلحاح تأمين الطرق التجارية البرية، فقد دعا هاشم إلى عقد اتفاق مع الساسانيين والبيزنطيين للحصول على براءة مرور لتجار مكة عند توجههم إلى بلاد الشام، وهذا ما توصل إليه في محادثات أجراها مع الطرفين المتنازعين، وحصل على براءة مماثلة من الحبشة، وهو ما عرف بنظام (الإيلاف). zkhunji@hotmail.com

مشاركة :