يلتقي قراء موقع قناة الغد، يوميًا، طوال شهر رمضان، مع حلقاتٍ مسلسلة تتضمن تفاصيلَ حول «أشياؤهم في القرآن الكريم»، يعدّها الإعلامي المصري والباحث الإسلامي محمد أحمد عابدين. (10) بلاغة شعيب وعناد قومه شعيب من ذرية إبراهيم، عليه السلام، كان في منطقة مدين، وهي تقع الآن في بلاد الأردن، ذكر اسمه في القرآن 11 مرة في 4 سور هي الأعراف وهود والشعراء والعنكبوت، ولُقّب بـ«خطيب الأنبياء»، لبلاغته وفصاحته وقدرته على إقناع قومه وأسلوبه المبسط وكان من دواعي فصاحته وبلاغته تكرار ما يقول بأشكال مختلفة وبصيغ بلاغية متعددة. كان أهل مدين تجارًا يعيشون في بحبوحة ورغد، أي أنهم لم يكونوا بحاجة إلى أفعالهم المنكرة، حيث كانوا يطففون إذا اكتالوا، بمعنى أنهم يطلبون الزيادة من البائع إذا كانوا يشترون وينقصون الميزان إذا كانوا يبيعون، كما أنهم كانوا يقطعون الطريق على القوافل التجارية، التي تمر بديارهم. كما أنهم كانوا يعبدون نبات الأيكة «شجر الأيك الملتف حول نفسه بشكل ضخم» وبطريقة جعلتهم يُفتنون بشجرة فيعبدونها، فأرسل الله نبيه شعيب ليخرجهم من كل هذه الضلالات فأمرهم بالعدل والقسط في الكيل والميزان والبيع والشراء وعبادة الله الواحد الأحد، «قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ»، هود: 84. فكانوا يستهزئون به ويرفضون نُصحَه وإرشادَه مثل أي قوم سخروا من أنبيائهم وللعلم، فإن الله سبحانه وتعالى، من خلال قصة شعيب عليه السلام وأهل مدين ينبهنا إلى أهمية التعامل مع المال بتعقلٍ وفهمٍ، وفقهاءُ الإسلام عرفونا أن حفظ المال هو أحد مقاصد الشريعة وأحد الكليات الخمس التي هي «حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال» وهو أحد الأعمدة التي تقوم عليها الحياة. هدّد شعيب، عليه السلام، قومه بعذاب الله إن لم يتوقفوا عن أفعالهم السيئة فآمن به القليل، وكان لا بد من تعذيب المعاندين فكان «عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»، حيث رجفت الاأرض بديارهم فهربوا خارج القرية وكان الجو حارًا جدا ليس فيه أي لطف فوجدوا سحابة ففرحوا بها جدا واستظلوا بهاء، لكنها كانت عين العذاب، ثم أسقطت السحابة شرر النار عليهم لتمحوَ بلادهم وهم الذين كانوا يقولون -مستهزئين- لشعيب عليه السلام « فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ».
مشاركة :