صَارَت مَجَالسنا عَامِرَة بالثُّقلَاء، حتَّى لَا تَكاد تَدخُل في مَجلس إلَّا وتَجده مُطعّمًا بثَقيلين أوثَلاثة مِن الثُّقلَاء، يُفسدون الجَلْسَة، ويُشوّشون عَلى الجُلَسَاء..! هَؤلاء الثُّقلَاء؛ أَجبروا صَاحب السّطور عَلى العَودة إلَى التُّرَاث، لمَعرفة مَا إذَا كَان وجُود الثُّقلَاء أَمرًا قَديمًا عَتيدًا؟ أم هوأَمر حَادث جَديد..؟! قَال «أبومحمد الحسن الجلاّل» في كِتَابه «أخبَار الثُّقلاء»: (عَن أَبي هُريرَة أنَّه كَان إذَا استَثقل الرَّجُل قَال: «اللَّهمَّ اغفر لَنا ولَه، وأَرحنَا مِنه)..! كَما رُوي عَن «حمّاد بن أبي سليمان»، أنَّه قَال: (مَن خَاف أنْ يَكون ثَقيلًا؛ فهوخَفيف، ومَن أَمِن أنْ يثقُل ثقُل)..! ومَسَار الجَلَسَات تُحدِّدها خفّة دَم الجُلسَاء، لذَلك قَال «مساور الورّاق»: (إنَّما تَطيب المُجَالسة بخفّة الجُلسَاء)..! وممَّا يُستَطَاب مِن التَّبرّؤ مِن الثُّقلاء؛ مَا رُوي عَن «يزيد بن هارون»، مِن أنَّه كَان يَقول للإنسَان -إذَا استَثقله-: (اللَّهمَّ لَا تَجعلنا ثُقلاء)..! وإذَا كَانت الجَلْسَة عَامِرة بخَفيفي الظِّل، وفِيهم ثَقيل، فإنَّ هَذا الثَّقيل يُفسد الجَلْسَة، كَما تُفسد التُّفاحَة بَقيّة التُّفاح التي في الصّندوق، وقَد انتبَه إلَى ذَلك «سفيان الثوري»، حَيثُ قَال: (إنَّه ليَكون في المَجلس عَشَرَة كُلّهم يُخفّف عَليَّ، فيَكون فِيهم الرَّجُل الذي أستَثقله فيَثقلون عَليَّ)..! والغَريب أنَّ شَرّ الثُّقلاء مُنتَشر، لَيس بَين المُبصرين وَحدهم، بَل وَصَل أَذَاهم إلَى مَكفوفي البَصر، حَيثُ رُوي عَن «الأعمش» أنَّه سُئل: (مَا عوّضك الله مِن ذِهَاب بَصرك؟ فقَال: أنْ لَا أَرَى بِهِ ثَقيلًا)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: يَعتقد البَعض أنَّ ثُقَلاء الوَزن هُم ثُقَلاء الدَّم، وأكثَر الدِّرَاسَات تُشير إلَى غَير ذَلك، وتُؤكِّد أنَّ ثَقيل الوَزن والشّحوم واللّحوم؛ هو»خَفيف الدَّم»، حَاضر البَديهة، وخَالٍ مِن الهمُوم..!!! T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :