22/10/1959م، هو يوم تاريخي بالنسبة للمرأة السعودية، وهو تاريخ انتقال تعليمها إلى مرحلته النظامية، فالتعليم هو أول دعوة توجه للنساء للمشاركة في الفضاء العام والعمران البشري. اليوم بعد ما يربو على النصف قرن من التجربة، والدعم الهائل الذي قدمته الدولة بهدف تعليمها وتدريبها، هل المرأة شريك رئيس في برامج التنمية، بشكل ينسجم مع المادة 8 من النظام الأساسي للحكم التي تنص على المساواة بين المواطنين السعوديين، وعدم التمييز على أساس النوع؟ في معرض (خطوة قبل التوظيف) الذي نظمته وزارة العمل بالتعاون مع صندوق الموارد البشرية أكَّد سمو أمير منطقة الرياض، اهتمام القيادة، بمشاركة المرأة في عملية التنمية المستدامة، بما يعزز ثقتها بنفسها، ويدفعها نحو مزيد من الإنتاجية والإبداع. وبين تصميم القرار السياسي على مشاركة المرأة ودعمها، وبين ما يربو على نصف قرن من عمر التعليم، نجد على المستوى الميداني أن قضايا المرأة أصبحت تتنازعها التيارات ما بين الرأي الشخصي المتطرف الذي يتخذ رداء فتوى، وما بين اجتهادات شخصية على الغالب تفتقد التوثيق وعملية واسعة من الهدر في الطاقات والخبرات المعطلة لدى النساء. وبين تجاذب التيارات أُغفل وغاب الكثير من الحقوق، وأعتقد أنه لن يرمم هذه الفجوة سوى لغة الدراسات والبحوث والأرقام الواضحة والحيادية والتي تحسم الموقف، فعندما تخبرنا على سبيل المثال لغة الأرقام أن مساعدات حافز للشباب العاطلين عن العمل؛ مثلت النساء 86 من إجمالي المتقدمين لها، نعلم بأن هناك مشكلة نسائية كبرى على مستوى البطالة، وانعكاسات هذه المشكلة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، داخل دولة تعتبر ميزانيتها التي تكرسها للتعليم من أكبر الميزانيات في العالم. وعندما تخبرنا لغة الأرقام بأن النساء يملكن حاليا نسبة 40 في المئة من الثروات الخاصة في السعودية، نستفسر هل لهذه الثروات انعكاس استثماري ايجابي على الاقتصاد، أم أن المرأة تقبع فقط في خانة المستهلكة؟ القرار رقم 120 الصادر عن مجلس الوزراء، عام 1425 بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة شبه غائب عن الميدان. وجميع ما سبق هي لغة أرقام.. ما تحركاتنا في هذا الاتجاه؟ اشار مؤشر قياس الفجوة بين الجنسين في المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2009 إلى أن المملكة تقع في المرتبة 119 من أصل 134 دولة حول العالم، لاسيما في الفرص الوظيفية والمشاركة السياسية. لكن نفس هذا المؤشر تغير بصورة ايجابية كبرى عام 2014 لاسيما أن المرأة السعودية أصبح لها حضور بارز في المسيرة التنموية للوطن. فقد توسعت مشاركتها السياسية، وفرص العمل، وشاركت في نصيبها الوطني من الابتعاث والتدريب. باعتقادي أن قرب المرأة من مواطن صناعة القرار، ومشاركتها فيه سيسهم حتما في تغيير الصورة النمطية حول المرأة القائدة حتى لدى بنات جنسها. ولعل دولتنا التي تتصدر أهدافها التنموية المشهد مع جميع كوادرها الشابة المتوقدة، لن تتردد في الاستثمار في الطاقات الوطنية الخلاقة والمبدعة والتي تمثلها النساء، فكم من وزارة هي تدخل في صلب الهم النسائي وبالتأكيد هي بحاجة إلى أن تطعم بالحضور النسائي ضمن القيادات العليا، وليس فقط التعليم، بل هناك الصحة، ووزارة العدل، والشؤون الاجتماعية، والشؤون البلدية والقروية، فجميعها نطاقات تمس بشكل مباشر النساء وشؤونهن وشجونهن، وحتما بحاجة إلى توسيع أفق الرؤية داخل صناعة القرار عبر كوادر الوطن من النساء المؤهلات، لاسيما أن المملكة وبحسب تقرير الفروقات حول الجنسين، هي من ضمن أربع دول فقط من بين كل دول العالم.. لا تحمل فيها المرأة حقيبة وزارية. نصف قرن من مسيرة النساء.. يحتاج إلى مزيد من الدعم والتمكين. لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net
مشاركة :