بمناسبة قرب اختبارات العام الدراسي، وبمناسبة مرور نحو عقد على امتهاني التدريس، قررت أن أكسر الصمت عن أداء طلابنا في مجال الثقافة عامة والمسرح خاصة. بصراحة... لا أدعي تحت وطأة الغرور، أننا ندرس اكتشاف النسبية وامتداداتها في حقل الأدب، والعلوم الاجتماعية والإنسانية إلى مختلف العلوم. نحن نحاول أن ندفع شبابنا إلى البحث عن الصوب أو لنقل التفتيش عنه عبر امتحانه؛ وهذا يعني أن الهدف الرئيس من العملية التعليمية الأدبية، لم تكن في أي يوم من الأيام، تلقينا جاهزا، سواء على مستوى تحليل النصوص أو النقد التطبيقي، أو غيرها من المواد. كانت العملية التعليمية، محاولة لتأمل الإشكاليات الأدبية المطروحة، عبر ذهن وعقل تمت تهيئته لاستكشاف الصواب والتفتيش عنه. لكن الطالب- ويستوي هنا الكويتي وغير الكويتي كقاعدة عامة لها شواذ- يجبر الأستاذ على النكوص إلى الوراء، والاستخفاف بالعقل والعقلانية، مطفئاً جذوة الحماسة الملتهبة، بحثاً عن منفذ تدريسي، يتجاوز به حالة الانسداد التعليمي المتراكمة من مرحلة التعليم العام ! أعتقد دوما- في هذا السياق- أن المتغيرات التي توالت علينا في العقد الأخير، من هوس بالشكليات والشهرة من دون بذل أدنى مجهود، قد أعمت بصيرة هذا الشاب/ الطالب على مقاعد الدراسة، وجعله يتعامل مع علاقة العلم بــ «استكشاف الصواب»، وكأنه خطيئة؛ لقد صار اسم «مصطفى» نموذجا للتندر و«التنكيت» على الطالب المتفوق، المتأمل للمرتكزات العقلية، وكأن ما يقوم به هذا الــ «مصطفى» هو عار! ورغم أنني أسجل هنا، أن أداء السواد الأعظم من الطلاب غير مقنع، لكن ذلك لا يعني- حتما- أن تنهار لدى الأساتذة القيم الأساسية للتعليم، في لحظة مرجعة مع الذات. وبعيدا عن ذهني أن أضفي أي قداسة على المحتوى العلمي للمناهج الدراسية الراهنة، لكني أعتقد- في حدود اطلاعي- أن طلابنا غارقون في عدمية دراسية، (قد) يدفعون ثمنها غالياً في حياتهم العملية. كما أن عدم ارتباط تعليم الثقافة والأدب، بالتأمل الذهني أو لنقل «التفتيش عن الصواب»، يعني- من هذا المنظور- انهيار القيم العقلية، وسيادة قيم التلقين الجاهز، بما تتضمنه من معرفة للذات بالأوهام، والشأن العام من دون نفاذ! * أستاذ النقد والأدب aliali2222@hotmail.com
مشاركة :