يقول متخصصون في الشبكات الاجتماعية، إن الشروط التي يقبلها مستخدمو هذه الفضاءات الرقمية، غداة تسجيلهم أوّل مرة أو عند موافقتهم على التحديثات المتتالية لسياسة الاستخدام، تتيح استغلال معلوماتهم الشخصية في الجانب التجاري وأحياناً السياسي، بحيث يتم بيع هذه المعطيات لمؤسسات تهتم بها. الأمر الآخر أنه يمكن اختراق البيانات المخصصة بواسطة أشباح الإنترنت، وبالتالي ابتزاز الضحايا. كما أن الشبكات الاجتماعية تقوم بتحليل خوارزميات المشاعر والقناعات الخاصة بالمستخدم، ويمكنها أن تستهدفه لأجل محاولة التأثير في هذه القناعات.في الوقت الذي خلقت فيه فضيحة فيسبوك ضجة كبيرة في الولايات المتحدة وأوروبا، لدرجة توجيه دعوات رسمية في عدة دول إلى مؤسس فيسبوك، مارك زوكربيرج، بالحضور والإجابة عن الاتهامات المتعلّقة بانتهاك خصوصية المستخدمين، فإن المنطقة العربية لم تتفاعل مع القضية كثيراً، سواء لدى الحكومات التي لم يصدر عن أغلبيتها أيّ مواقف، أو عند المستخدمين الذين لم يشاركوا كثيراً في الحملات الإلكترونية التي أعقبت القضية.وما يسهم في خفوت النقاش حول حماية البيانات الشخصية بالعالم العربي هي معدلات الأمية التي لا تزال مرتفعة، بما فيها الأمية الرقمية، واعتياد المجتمعات العربية على نمط الاستهلاك الرقمي عوضاً عن الإنتاج، وتفشي الظن أن الإنترنت مجرد وسيلة للترفيه.المنطقة العربية تأخرت كثيراً في سن قوانين تحمي البيانات الشخصية، فأوّل قانون عربي صدر في هذا الشأن كان في عام 2004 بتونس، بينما يعود أوّل قانون عالمي إلى مقاطعة هيسن في ألمانيا التي أصدرته عام 1970. وأصدرت دول عربية لاحقاً قوانين مماثلة، مثل الإمارات التي أصدرت قانونها في عام 2007، وحذت حذوها بعد ذلك عدد من الدول في المنطقة.المجتمعات العربية تعاني عموماً غياب ثقافة حماية المعلومات الشخصية، إذ لا يتم تدريس أهمية حمايتها في المدارس، كما لا يوجد أيّ نقاش عام حول الموضوع، كما أن القوانين الموجودة غير قادرة على تغيير الوضع، بسبب ندرة شكاوى الضحايا المفترضين، فضلاً عن أن هذه القوانين تعاني ثغرات كبيرة. * دويتشة فيله
مشاركة :