خواطر تقرع الأجراس / الحقيقة لا دين لها! | ثقافة

  • 5/13/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كنت أدير حلقة نقاش مفتوح في الدين الإسلامي لطلاب مسلمين غير عرب في مدرسة أجنبية. كان الدرس في غرفة مدرّس بريطاني يهودي الديانة. وطلب الاستئذان بالحضور لتصحيح أوراقه لعدم وجود غرفة شاغرة وقتها. رحبت به، وبمشاركته في النقاش إن أراد. انهمك في عمله. طرح طالب باكستاني قضيةَ تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، والعلاقة الجنسية المحرّمة قبل الزواج وبعده، وحدّ الزنى. ترك المدرّس البريطاني أوراقه، وأنصت بإمعان وفضول وترقُّبٍ. أجبت الطالب عن تساؤله. وكان الطلاب قد جهّزوا حواسيبهم المحمولة. ووجدتها فرصة سانحة لإثارة قضايا مماثلة في الكتاب المقدس- العهد القديم. طلبت منهم أن يفتحوا «الشابكة» على الكتاب المقدس، سِفْر الملوك الأول، ويكتبوا اسم (الملك) سليمان وزوجاته، كما في مرويّات السّفْر: الإصحاح الحادي عشر. طلبت من الطالب أن يقرأ بصوت عالٍ ليسمع المدرّس. وهاك النص العربي الحرفي، من مطلع الإصحاح 11: «وأحَب الملك سليمان نساء غريبات كثيرات مع بنت فرعون: موآبيات وعَمونِيّات وأدوميّات وصيدونيّات وحِثِّيــّات، وكانت له (سبعمئة) من النساء السيدات و(ثلاثمئة) من السّراري، فأمالت نساؤه قلبه. وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أمَلْن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. فذهب سليمان وراء عشتروت إلاهة الصيدونيين...». جحظت عينا المدرس بالمفاجأة الصاعقة. وتابع عمله متجاهلاً ما سمع، لكنه بقي موجّهاً راداره- أذنيه، نحونا! ففي التوراة ما يبيح تعدد الزوجات للأنبياء وغيرهم. وحدّد الربّانيون اليهود الزوجاتِ بأربع، وأطلقه القرّاؤون. والغرب لا يتحدث إلا عن تعدد الزوجات في الإسلام (فقط)! ووجدتها فرصة سانحة أيضاً لأطرح قضايا توراتية أخرى كنت مهتماً بها سابقاً. ولو كانت إسلامية لأنفقتْ هوليوود الملايين لإخراجها في أفلام الإسلاموفوبيا ! فتحنا سفرالتثنية، الإصحاح 20: «حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدْعِها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفُتِحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير، ويُستعبَد لك، وإن لم تسالمك بل عملتْ معك حرباً فحاصرْها، وإذا دفعها الربُّ إلهُك إلى يدك فاضربْ جميع ذكورها بالسيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغنمها لنفسك». هذه هي شريعة الاسترقاق التوراتية العنصرية. ما الفرق بينها وبين داعش وبوكو حرام في سبي النساء والأطفال وتذبيح الرجال؟ وتذكروا الآن حصار غزة، واحتجاجات الإسرائيليين؛ يهود إثيوبيا ضد الاضطهاد العنصري بحقهم. تابعنا في سفر التثنية أيضاً عن الزنى؛ ( الإصحاح 22: آية 20) والفتاة الفاقدة لعذريتها عند الزواج: «يُخرِجون الفتاة إلى باب بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت...). وفي الآية 22:» إذا وُجد رجلٌ مضطجعاً مع امرأةٍ زوجةِ بعلٍ يُقتَل الاثنان«. وفي 23 و24:»إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة واضطجع معها، فأخرِجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وارجموهما بالحجارة حتى يموتا...«والسبب هنا أن المرأة لم تصرخ طالبة الغوث. وعن الربا، الإصحاح 23، آية 19 و 20:»لا تقرض أخاك بِرِباً؛ ربا فضة، أو ربا طعام... للأجنبي تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرضْ برباً يباركْك الربُّ إلهك...». هذا هو (شايلوك) التوراتي، المرابي الشكسبيري في (تاجر البندقية). كان المدرس متظاهراً بأنه مُكِبٌّ على أوراقه... مصدوماً بما كُشِف من أسفار توراته! لماذا لا يطرح مثقفونا هذه القضايا التوراتية بالحماسة ذاتها التي يطرحون بها القضايا الإسلامية؟ فالحقيقة لا دين لها! * كاتب سوري

مشاركة :