خواطر تقرع الأجراس / فضائح الأحلام | ثقافة

  • 6/3/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

قل لي أحلامك أقلْ لك من أنت! الحلم لا يكذب. الحلم طفل بريء ينطق بعفوية فاضحة؛ ألم يقولوا: خذوا أسرارهم من صغارهم؟ فكم طفلٍ بريء فضح أهله وهم يكذبون أمامه؛ فيسود الصمت والارتباك والخجل والكذب المضاد؛ فيدّعي الأهل أن طفلهم يعاني من هلوسات غريبة تعكس خللاً في نموّه الذهني، ونصحهم الجيران بأخذه، من دون إبطاء، إلى طبيب أمراض نفسية أو عقلية! قال الفيلسوف الألماني نيتشة: «نحن لسنا صادقين تماماً إلا... في أحلامنا»! فأكبر فاضح للكذب هو الحلم. وعيادة طبيب التحليل النفسي هي العالم السري للبوح بالصدق المخفي والمكبوت في العقل الباطني. إنها كرسي الاعتراف. والطبيب النفسي الحاذق يغوص مع مريضه على عالم الأحلام. ولهذا كان (فرويد) يطلب من مريضه أن يسرد بعفوية وجرأة كل أحلامه التي يتذكرها. وكتابه (تفسير الأحلام) إنجيل علم النفس التحليلي، فقد كشف فيه فرويد أغوار النفس البشرية، وشبّهوه بالفلكي (كوبرنيكوس) الذي غاص في أعماق الكون وقدم نظريات متقدمة في علم الفلك. فرويد هو كوبرنيكوس النفس البشرية. والشاعر حالم. الشعر والفنون والآداب حلم يقظة. والحلم الشعري بصوره الفنية وألفاظه وأطياف مشاعره ترجمة أمينة لأعماق المبدع . اقرأ شرح المعلقات السبع أو العشر، أو شرح أي ديوان من دواوين الشعر العربي، أو شرح مدرسي غبي لشعرنا تجدْ البون شاسعاً بينه وبين النقد التحليلي الفني النفسي التكاملي لهذا الشعر. اقرأ مثلاً ابن الرومي قراءة شرحية قديمة، أو مدرسية تقليدية، أو نقدية نفسية حديثة تتعرفْ، من خلال الحلم الشعري بالمفهوم النقدي الحديث، على شاعر عبقري مضطرب مذعور قلق خائف متشائم جبان مصاب برُهاب الماء ( فوبيا الماء ). والرواية حلم نثري- شعري بالمفهوم التحليلي النفسي، وتترجم أيضاً أعماق الروائي، كالشاعر، والرسام والنحات... اقرأ روايات دوستويفسكي العملاقة؛ الجريمة والعقاب، والأخوة كارامازوف، وذكريات من بيت الموتى، والمقامر، ومسرحية (هملت) لشكسبير. وتأمل لوحات دافنشي: العشاء الأخير، والموناليزا وفق المذهب التحليلي النفسي والفني التكاملي فسوف تقف على عالَم من الظواهر المذهلة؛ فالفنون والآداب عالم من الأحلام الفنية- النفسية الغرائبيىة. كنت- قبل البدء برحلات السندباد، والهجرة في أقاليم الليل والنهار، في مغرب الوطن العربي ومشرقه- بدأتُ بتخطيط وكتابة رسالة الماجستير عن الحلم الشعري عند أدونيس، ووقفت على عالم عجيب من الحلم التخييلي كما نعيشه في المنام والحلم الشعري كما نعانيه، ويعانيه الشعراء خصوصا في إبداع القصيدة الحقيقية؛ لأن الحلم الفني الشعري أكثر تركيزاً وعمقاً منه في بقية أنواع الإبداع، ولأن الصورة الشعرية المكثفة جوهر من جواهر الشعر دون سائر الفنون الإبداعية؛ ففي الشعر اللغة والرسم واللون والنحت والحركة والموسيقا...والحلم المكثَّف- الصامت الناطق الفاضح . ومن حسن الحظ أن السلطة العربية لم تتوصل، حتى الآن، إلى جهاز إلكتروني يكشف الأحلام، فيُفضَح الحالم، ولن يغنيه ادّعاء أهله أنه يهلوس هلوسات مرضية وأنهم عازمون على عرضه على طبيب أمراض نفسية أو عقلية! هناك أقطاب كهربائية تُثَبّت على رأس النائم المتبرِّع لدراسة الأحلام وهي تكشف النشاط الكهربائي لأحلام الدماغ، لكنها لا تصور الأحلام ذاتها . والويل الويل لو أن السلطات العربية تعاقدت مع شركات إلكترونية عالمية لتصوير الأحلام... عندها ستمتلئ المعتقلات العربية بالحالمين. والعقاب سيكون بحسب نوعية الأحلام ودرجة خطورتها وجرأتها، و... إرهابيتها! والويل من رقيب فكري، بلا فكر، يفسر أحلام المبدعين. * كاتب سوري

مشاركة :