المُجتَمع السّعودي أحوَج مَا يَكون -في وَقتهِ الحَاضِر- إلَى تَعلُّم اللَّبَاقة، وتَنمية مَا يُسمّى بـ»الذّوق العَام»، ولَن أَتحدَّث -هنا- عَن أشيَاءٍ كَثيرة، بَل سأتحدَّث عَن جُزئيّة مُحدّدة، ألا وهي الاستمَاع إلَى الآخَرين، وحُسن الإنصَات إليهِم..! إنَّ الاستمَاع إلَى الآخَرين؛ يُعطيك أشيَاءً كَثيرة مِن أهمّها: سَعادة المُتحدِّث حِين يَتحدَّث إليك، إضَافَةً إلَى أنَّك سَوف تَفهم وتَستفيد مِن كَلَامه؛ في حَالة الإنصَات، كَما ستَنَال إعجَاب مَن تَستَمع إليهِ بحُسن إنصَاتك..! في الكِتَاب المُهم: «كَيف تَكسب الأصدقَاء وتُؤثِّر في النَّاس»، يَقول مُؤلِّفه السيّد «ديل كارنيجي»: (صَرّح لِي «إيزَاك مَاركسون» -بَطل العَالَم في مُقابلة مَشَاهير النَّاس- أنَّ مُعظم النَّاس يَفشلون؛ في طَبع أثَر طيّب في نفُوس مَن يُقابلونهم لأوّل مَرَّة، لأنَّهم يُهملون الإصغَاء باهتمَام. إنَّهم يَحصرون هَمّهم في الكَلَام الذي سيَقولونه، ومِن ثَمَّ يَصمون آذَانهم عَن الاستمَاع.. وقَد قَال لِي عُظمَاء النَّاس: إنَّهم يُفضِّلون المُستمعين الطيّبين عَلى المُتكلّمين الطيّبين، ولَكن يَبدو أنَّ المَقْدِرَة عَلى الاستمَاع؛ أَنْدَر مِن أي صِفَة طيّبة أُخرَى)..! بصَرَاحَة لَيس المَشَاهير وَحدهم؛ مَن يَحتاجون إلَى مُنصت طيّب، ومُستَمع شَغوف، بَل كُلّ النَّاس، وأنَا وأنتَ مِن هَذا الصّنف، لأنَّ المُتحدِّث عِندَما تَستَمع وتَنصت إليهِ باهتمَام، يَشعر بالرَّاحة أوّلاً، وبالسَّعادة ثَانياً، وبوصُول مَعنى كَلَامه وفَحوَاه إليكَ مُبَاشرةً..! أكثَر مِن ذَلك، فقَد تَمَادَت مجلّة «ريردر دايجست»، وأعطَت الإنصَات أهمّية لَم يَفطن ويَتنبّه إليهَا أَحَد، حَيثُ قَالت في أَحَد أعدَادها: (إنَّ أكثَر النَّاس يَذهبون إلَى الطَّبيب، لَا ليَفحصهم، وإنَّما ليَستمع إليهِم).. وكُلُّنا نَعرف أنَّ الأطبَّاء -في الغَالِب- يَستمعون إلى شَكوَى مَرضَاهم، لأنَّه جُزءٌ مِن عَملهم، ولَيس لأنَّه جُزءٌ مِن إنسَانيّتهم..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُشير إلَى أنَّ مَسألة الإنصَات والاستمَاع؛ أَمر مُهم في كَسب النَّاس، وخَطب ودّهم، ولمَن أرَاد أنَّ يَكتَسب أو يُطوّر خَاصّية الإنصَات وطَرَائِقه، هُنَاك بَعض الكُتب المُفيدة -وإن كَانت شَحيحة كشُحُّ مَوهبة الإنصَات-، أقرَبها إلَى الذَّاكِرَة كِتَاب: «استَمع لِي أستَمع إليك»، للسيّدة «آني كوتزمان»، وكِتَاب: «تَعلّم فَن الإنصَات والاستمَاع»، وكِتَاب: «فَن الإنصَات»، إضَافةً إلَى كِتَاب: «أنصت يُحبّك النّاس»، لخَبير تَطوير الذَّات الأستاذ «محمد النغيمش»..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :