الـفرح .. بقلم الدكتور ضيف الله مهدي

  • 6/4/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يشعر الإنسان بانفعال الفرح أو السرور إذا نال ما ترجاه ، وحصل ما يحب أن يحصل عليه من مال أو نفوذ ، أو نجاح ، أو علم ، أو إيمان وتقوى . فالفرح أمر نسبي يتوقف على أهداف الإنسان في الحياة . فمن كان هدفه في الحياة جمع المال ، والحصول على القوة والنفوذ وغير ذلك من متاع الحياة الدنيا ، كان نجاحه في تحقيق هذه الأهداف باعثا على فرحه وسروره . ومن كان هدفه في حياته التمسك بالإيمان والتقوى والعمل الصالح لكي يحصل على السعادة في الحياة الآخرة ، كان ذلك مصدر أمنه وطمأنينته وسروره . وقد ذكر القرآن الكريم هذين النوعين من الفرح ، فذكر فرح الكفار بمتاع الحياة الدنيا ، قال تعالى : ( وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلاّ متاع ) الرعد : 26 . وذكر القرآن أيضا فرح المؤمنين بما أُنزل إليهم من آيات القرآن الذي يهديهم إلى الحق ، والذي فيه شفاء لهم وهدى ورحمة . قال تعالى : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين () قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ). سورة يونس ( 57ـ58). ومن كان متاع الحياة الدنيا هو مصدر فرحه وسروره ، وهو شأن معظم الناس فإنه لا ينعم في الواقع بالحياة السعيدة المطمئنة المستقرة . ومن الاضطرابات النوعية للانفعال ما يسمى بالاضطرابات السارة ومنها : 1ـ الشعور بحسن الحال : إحساس ذاتي بالثقة التامة والشعور بأن كل شيء على ما يرام وليس في الإمكان أبدع مما كان . 2ـ الطرب أو التيه : وفي هذا الاضطراب الانفعالي يبث المريض حوله جوا من الطرب والسعادة وتصبح حالة معدية ، حيث جميع من حوله يشعرون بحسن الحال ولكنهم لا يستطيعون مجاراته لمدة طويلة نظرا لتشتيت أفكاره ، وكثرة كلامه وقلقله الواضح ، وتظهر حالة الطرب خاصة في مرض الهوس العقلي . 3ـ التفخيم : حالة شديدة من الطرب مصحوبة بالشعور بالعظمة والجبروت. 4ـ النشوة : شعور ذاتي خاص من السكينة والهدوء والسلام ، وعادة ما يكون مصحوبا بإحساس ديني أو عقائدي عميق ، وعادة ما يكون الفرد في هذه الحالة متقمصا أو مجذوبا لقوة إلهية أو غيبية عظيمة ، كما نجدها بين المتصوفين وبين ممارسي اليوجا الروحية ، وبين كهنة الديانة البوذية . ولكن نجدها أيضا في حالات مرضية مثل : حالات الهستيريا الانفعالية ، والصرع ، والفصام .. إلخ . والاضطرابات المذكورة سابقا تعتبر من الانفعالات ، لكنها اضطرابات سارة مرضية أكثر من كونها سوية . ولنعد فنقول : أن من كان مصدر فرحه وسروره تمسكه بالإيمان والتقوى والعمل الصالح وإتباع منهج الله سبحانه في حياته ، فهو يشعر في الواقع بالسعادة الحقيقية المستقرة الدائمة . ويصدق عليه قول الله تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) النحل : 96 .

مشاركة :