في العدد الخامس من المجلة الشهرية (تشييد ومعمار)، كانت قضية العدد عن (المقاول) السعودي، وعن التحديات التي تواجهه، والمعاناة التي يعيشها. القائمة تطول، لكن على رأسها (طبقًا للمجلة) المرجعية والتمويل والعمالة. أما تحدي المرجعية فسؤال لا يقتصر على قطاع المقاولات، وإنما يمتد لأنشطة اقتصادية وتجارية أخرى. والحقيقة أن حركتنا في هذا الباب بطيئة وتحتاج إلى تسريع للخطى وتطوير للآليات، ففي ذلك خير كبير للوطن وارتقاء بأداء القطاع وتنظيم لأعماله ورفع لدرجة الثقة فيه. إنشاء (هيئات) مهنية لازمة من لوازم تطوير أي قطاع مهما صغر. وعسى أن تكون في المستقبل القريب ملامح عمل منظم وقرار رشيد يسهم فيه مجلس الشورى كما الغرف التجارية ووزارة التجارة والصناعة وأصحاب الشأن من المقاولين السعوديين. والتمويل سؤال كبير آخر نادرًا ما توليه البنوك عناية مستحقة إلا بضمانات هي أقرب إلى التعجيز منها إلى التحقيق. ولذلك لا تنمو شركات المقاولات السعودية ولا تتقدم في التصنيف الرسمي إلا بشق الأنفس، فالمال عندها شحيح والبنوك عن دعمها تغيب. مرة أخرى قد تكمن المشكلة في غياب تشريعات نظامية وقضائية كافية تضمن حقوق البنك عند تعثر المقترض عن السداد. وربما كانت الحقوق مضمونة لكن آلية تحصيلها طويلة ومعقدة ومكلفة تجبر البنك على اتباع سياسة (الباب اللي يجيك منه ريح، سدّه واستريح). والعمالة هي لبّ القضايا، وهي محور الاعتراض الأول في وجه وزارة العمل التي تقرر وتحدد وتضبط عمليات إصدار تأشيرات العمالة، ليست رغبة في التقتير على المقاول، وإنما اتعاظًا من التاريخ الأسود السابق الذي مارسته كثير من المؤسسات التي جلبت أعدادًا كبيرة (طبقًا لمعلومات زائفة) ثم أرغمتها على العمل في (أي حتة) مقابل رسوم شهرية تدفعها لمصاص الدماء وآكل أموال الناس بالباطل. ولا حل في نظري لمعضلة العمالة إلاّ بانخراط الشباب السعودي في هذا الميدان الفسيح الذي آثروا أن يبتعدوا عنه تمامًا في حين تتوافر فيه مئات الألوف من الفرص الوظيفية ذات الدخل المادي الجيد مقارنة بوظائف أخرى بسيطة مثل الحراسة الأمنية أو مراسل البريد أو نادل المطعم. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :