أحيانًا يؤدي الحماس المتسرع إلى نتائج غير محمودة! وفي عالم التجارة والمال يحدث ذلك لصغار التجار خاصة المبتدئين منهم الذين هم في أول الطريق الشائك! لكن أن يصدر ذلك عن الذي أحسبه تسرعًا (وربما لم يكن كذلك) من تجار ضالعين في المهنة، فمسألة فيها نظر. لا بد أن ثمة أسبابًا أخرى غير منظورة وتخفى على البسطاء أمثالي، لكن المهم هو المحصلة الأخيرة، والأهم هو الدرس الكبير. تقول الحياة (23 نوفمبر) إن عددًا من المستثمرين الزراعيين السعوديين تعرضوا إلى عمليات (ابتزاز ممنهج) في دولة أثيوبيا الصديقة، بعد أن أنفقوا على استثماراتهم مبالغ كبيرة في مزارع إثيوبية إذ أتموا بناء البنية التحتية في المزارع التي سُمح لهم بالاستثمار فيها، كما تم إيصال الخدمات إليها من طرق وكهرباء وجسور آلية على حساب هؤلاء المستثمرين. ونُسب إلى رئيس جمعية المستثمرين الزراعيين السعوديين في إثيوبيا محمد الشهري أن الوعود التي أطلقها مسؤولو وزارة الخارجية الإثيوبية في البداية حين دعوهم إلى الاستثمار هناك لم يتحقق منها شيء. ولأن آخر الدواء الكي، فإن غالبية المستثمرين السعوديين يسعون الآن إلى العودة إلى بلادهم حاملين معهم معداتهم الزراعية، بعد تعرضهم إلى السجن والمنع من السفر ومطالبتهم بمبالغ كبيرة. هل هذه يا ترى نصف الحقيقة؟ أم كل الحقيقة؟ بمعنى أن الدولة المضيفة لم تكن فعلًا على مستوى وعودها، فلم تحسن الضيافة ولا الوفادة ولا التعامل حسب أصول التجارة! ولئن خسر المستثمر السعودي، فإن الدولة المضيفة أيضًا خاسرة، إذ سيرحل المال الذي به تُزرع الأرض وتُوظف الأيدي العاملة. السؤال الآخر: هل تعجّل القوم الاستثمار في أثيوبيا دون إجراء دراسة كافية خاصة على حجم المخاطر المتوقعة! بالنسبة لي شخصيًا يصعب تصديق عدوانية المسؤولين الأثيوبيين هناك دون سابق تاريخ وممارسة، ما لم تكن هناك أسباب وجيهة جدًا تدعو المسؤول إلى إيثار رحيل المستثمر على بقائه. سؤال أخير: ماذا قدمّت الجهات الرسمية السعودية ذات العلاقة لحماية استثمارات هؤلاء المواطنين؟ وهل علموا مسبقًا أن حجم المخاطر كبير، وأن على المستثمر تحمل مسؤوليته كاملة، فقد أعذر من أنذر؟. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :