د. هادي التونسي يكتب: رسالة من العالم الآخر

  • 6/19/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عزيزي الإنسان,,,ربما لا تحتاج لكثير من التبصر لتري العالم من حولك.تري علي شاشة تلفازك ,وتقرأ علي أوراق صحيفتك أخبار المجاعات و الحروب و الجرائم و التنافس بلا رحمة,توخز الضمير ,و تخجل مشاعر التضامن الإنساني,و لا تراعي المحبة الكامنة في نفوس البشر.ثم ندرك اننا لا نستطيع ان نتوحد مع معاناة الضحايا بألم فوق التحمل,دون نتيجة يتطلبها عمل فعال,فنسرع لننعزل في بوتقة فرديتنا و  مصالحنا الذاتية,في تعقل ظاهري يتجاهل ان بعضا منا -و ربما نحن-سيكون يوما ما لسبب ما و بشكل ما أحد ضحايا الشر أو الظلم أو القهر أو القدر,فيحتاج الي ما أنكرناه من مشاركة و محبة و تضامن.صديقي الإنسان,,,كم منا يدرك و يحب ما يجمع البشر بشعوبهم و أجناسهم بأكثر مما يلاحظ إختلاف مصالحهم و ثقافاتهم و عقائدهم؟و كم منا يري في الإختلاف رحمة و خبرة و ثراء,فيتعلم من عدوه,و يرحم غريمه,و يحترم إختلاف السبل و المشارب في مدرسة الحياة,لتنضج المحبة روحه الي النقاء و الطهارة و صفاء الرؤية لحقيقة الوجود؟ و كم منا يسعي في معاملاته أن يخرج الجميع رابحين ليوقف عجلة الأسي و المخاوف و الأحقاد,و ينشر الخير و التفاؤل بين البشر؟أخي الإنسان,,,هل خبرت العمل و الخلق بلا كلل بدافع الحب المتجرد؟هل أدركت -إن فعلت ذلك-أنك تعيش سعادتك,و تطهر روحك ,و تشفي جسدك؟هل تساءلت لماذا يضحي أفراد وجنود بحياتهم من أجل أخرين,و يضع البعض الصالح العام قبل مكاسبهم الشخصية؟و إذا ما كانت تلك الخبرات -حتي لو كانت أحيانا وقتية أو إستثنائية-إعترافا بأن المغزي هو الأهم حتي لو كان في مقابل الحياة ذاتها, و أن المعاناة معلم للروح و النفس؟هل تعرف أن هؤلاء مغرمون باللحظات البلورية,التي تتملك النفس ,فتشيع فيها السكينة و التجرد,فيمتثل الجسد و العقل لأوامر الروح المتواصلة المتوحدة؟رفيقي الإنسان في رحلة الحياة,,يقولون تارة أن الحب يصنع المعجزات,و تارة أخري أن زمن المعجزات إنتهي.فإذا كانت المقولتان صحيحتين,فهل يعنون بذلك أن زمن الحب إنقضي؟ذلك في ظني إخنيار فردي,فالحياة من أجل المغزي و الجهد الخلاق بدافع الحب تدفع برؤية الحلم من خلال التفاني و الإنغماس الي تحقيق المعجزات علي أرض الواقع.و الروح المتجردة المتواصلة المتوحدة تحقق التناغم مع الجسد و العقل,و تفتح للفرحة الف باب للتحقق من خلال الأخرين و التواصل المحب المثمر معهم.فإذا أمنت بذلك,فلنبدأ معا بالحلم بعالم أفضل من المساواة و التضامن و التناغم,يقوده بنزاهة ساسة,يعلنون الحقيقة,و يحكمون بشفافية.تعال نحلم بعالم الوفرة و النقاء و الحرية للجميع,عالم السعادة و السلام و المحبة.تعال نتخيله معا بكل جوارحنا و نعمل لأجله ما في وسعنا,فتطهر الفرد و الجماعة قاطرة لتطهر المجموع, تعال نحقق العالم الأخر ,عالم الأحلام ,علي أرض الواقع.

مشاركة :