“اهتزت الصورة” بقلم / عمر عقيل المصلحي

  • 7/1/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

” اهتزت الصورة “بقلم / عمر عقيل المصلحي الصورة الذهنية ماهي إلا خبرات ، أحداث ، مشاهد ، معلومات مقروءة ، مسموعة ، مواقف حية ، محسوسة ، أو معونية ، طارئة ، متكررة ، خزنت في الذاكرة وأمست من المسلمات ،تنفع تكون مثلاً أو حكمة تتداول وتشتهر ويذاع صيتها، تتناقلها الراجلة والركبان ، في كل حين وزمان ، في الحل والترحال . يتفكهون بها في اجتماعاتهم الصغيرة والكبيرة ، تكرارها دروس يتعلمها الناشئة ؛ لتنتقل من جيل إلى جيل دون تغيير أو تحريف ، أو حتى مجرد تفكير في مدى صحتها من عدمه .. إنها مُسَلَّمات بالنسبة لهم . هناك جملة تطرق الآذان بين الفينة والفينة ، سمعها وتحدث بها ، وقرأها، الصغير قبل الكبير ، والأميُّ قبل المتعلم ، الثرثار، وقليل الكلام ، الفصيح، ومن لديه تأتأة أو مشكلة في الكلام كل يعبر بطريقته الخاصة بصوت مسموع ، أو لغة الإشارة .. الكل متحمس لنطقها ناموس ، وتحقيقها مطلب ، إنها جملة : ” أنت كالأسد ، وإن أردت غاية الفصاحة والبيان قل : ” أنت أسد ” هذه الجملة تقال : لأي شخص أو أشخاص قام أم قاموا بعمل بطولي شجاع ، سواء كان قولاً ، فعلاً ، مادياً ، معنوياً ؛ كناية عن الشجاعة؛ لأن هناك صورة ذهنية راسخة في أذهاننا أن الأسد شجاع ، ملك الغابة ،الآمر ، الناهي ، الذي لايرفض له طلب ، ولا يُعْصَى في أمر . لكن هذه المسلمة بدأت تهتز صورتها في الأذهان ، وبدأت الحكاية تأخذ منحى آخر ؛ عندما بدأ المهتمون بدراسة السلوك الحيواني عن كثب في مملكتة ،وفي عقر داره ،بواسطة كاميرات فائقة الدقة تسجل كل شاردة وواردة عن سلوك الحيوانات دون تدخل بشري ، في حيادية متناهية . هنا كُشِفَ الستارُ وأُسْدِلَ لبدايةِ فصلٍ جديدٍ من المسرحية، سلطت الأضواء لينحني الظلام ويدير ظهره فاراً دون رجعه ، إنه نور الحقيقة الذي لايحجبه غربال ، قائلاً بصوت مدوٍ سمعه القاصي قبل الداني إن الأسد حيوان عادي مثله مثل أي حيوان آخر ، وأن ما يُرَى ويُشَاهَدُ ليس على إطلاقه ، فكل بطولاته المنقوشة في الذاكرة ؛ ماهي إلا خداع ، مصدرها البحث عن مايسد به رمق جوعه ، ويأمِّن قوته وقوت صغاره ، لأيام قادمة ، وهذا أمر معتاد وسلوك يصدر من أي حيوان شعر أو حس بالجوع . فهل هذا الأمر يعد شجاعة ؟؟! بل قيل إن الأنثى هي من يقوم بهذه المهمة ( أقصد صيد الفريسه ) . ذكر محمد شعلان في مقال له بعنوان ” اتقلبت الصورة ” قال فيه : وثق مصور داخل حديقة كروغر الوطنية في جنوب إفريقيا، قيام قرد بابون باختطاف شبل من عرين أحد الأسود، خلال مهمة البحث عن الطعام ليتسلق به إلى قمم الأشجار، وأظهر الفيديو القرد ، وهو يحمل الأسد الصغير، وكأنه أمه يتحرك به وسط الأشجار، بينما الأسد الشجاع لم يقاوم القرد بل إهداه الشبل في حالة استسلام تامة . أين شجاعتك يا ملك الغابة ؟؟!! وهناك موقف آخر لصاحبنا الشجاع ، حيث وثقت الكاميرات واقعة أخرى مختلفة ، من غابات كينيا بين أسد وقطيع من الجاموس كان على غير المتوقع، حيث رصدت الكاميرات الأسد خائفاً يختبئ في أعلى شجرة؛ فى محاولة للهروب من قطيع من الجاموس ، وكأنه يقول: الكثرة تغلب الشجاعة ، متانسياً الموقف الأول. أبعد هذا نقول للشجاع أنت أسد ؟؟!! لا لقد اهتزت الصورة .!!!كتب في التصنيف: مقالات كتاب بلادي   تم النشر منذ 3 ساعات

مشاركة :