” خَفَتَتِ الأضواءُ ” بقلم/ عمر عقيل المصلحي

  • 7/8/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

” خَفَتَتِ الأضواءُ “ بقلم/ عمر عقيل المصلحي يمر الإنسان بمراحل عمرية مختلفة ، لكل منها رائحته وعبقه الخاص ، زهور عطرية جُمَعَتْ بمزاجية محب للحياة ، متفائل بكل جديد وقادم ، محتفظ بكل قديم ، يمثل مذكراته ، جميلها ، قبيحها، مُزِج فيها ، مرح بترح ، فرح بحزن ، سعادة بشقاء ، صحة بسقم ، غنى بفقر . ” وتلك الأيام نداولها بين الناس ” . المتأمل في مجتمعاتنا يلحظ ويلاحظ كثيراً من المتناقضات تجعلنا نعيش في حيرة من أمرنا ، لا يُعْرَفُ الصادق من الكاذب ، الأمين من الخائن ، الصريح من المنافق ، مظاهر برّاقة ، تخفي وراءها ما لا يعلمه إلا الله ، فنحن البشر نحكم بالظواهر ، فمن لَمَّعَ نفسَه من كل النواحي بعناية ؛ حصل على ما يريد، ومن رفض وقاوم ؛ قُذِف في أوحال اللوم ، والسخرية ، والاستهزاء عِنْوة، من أسرى المظاهر، سجناء الأهواء ، إنهم شياطين في صورة بشر ، يمجدون أصحاب المناصب ، والوجهاء ، وذوي التجارة والأغنياء ، ورؤساء العمل ، ورفاق السفر الكرماء . لايعترفون بصديق حميم ، ولا برجل صادق حليم ، همهم مصلحتهم والباقي في سقر ، لا يحترمون الزمان ، ولايقدرون المكان ، يحسبون كل صيحة عليهم ، بيوتهم من زجاج ، يرمون بكرات فلين ، ويكرهون الحجارة . عندما يتقاعد ذلك المسؤول ، أو يفتقر صاحبهم الغني ، أو ينتقل رئيسهم الممجد ؛ ينقلبون على أعقابهم خاسرين ، ويرُى الوجه الحقيقي لهم ، تغرب شمسهم، ويخسف قمرهم ؛ فيعيشون في ظلمات في ليل ونهار بعضها فوق بعض ؛ ذلك جزاؤهم في الدنيا ، و في الآخرة أدهى وأمر . يقول أحد المشهورين من أصحاب الأضواء  ، دُعِيَ للحضور لأحد البرامج المهتمة بمقابلة المشهورين  من ممثلين ، مطربين ، شعراء،  أدباء … وغيرهم ،  بعد مرور خمسٍ وعشرين من آخر يوم ودع فيه أبواب الشهرة ، وسيل المتابعين المطبلين المادحين له الليل ، وأطراف النهار ، حيث ولوا من غير رجعه. يقول : أخذت حقيبتي ، وذهبت إلى محطة القطار ، ومكثت انتظره حاملاً حقيبتي بيمناي وتارة باليسرى ، وثالثة أتوكأ عليها ، فطال الأنتظار ومللته . بعد كل هذه المعاناة، وصل القطار ، ولكن لم أجد لي مكاناً ، فغادر ،وبقيت . انتظرت قطاراً آخر لعلي أجد مكاناً ، بالفعل وصل بعد مدة طويلة من الانتظار فاقت الأولى بمراحل ، فتحت الأبواب ،ودخلت كالغريب ، أحدق بعينيّ في كل  زاوية من القطار ، إلى الأعلى ، إلى الأسفل ، يميناً ، يساراً ، فلم أعرف أحداً ، تغيرت عليّ الوجوه ، ولم ألف الركاب ولا السائق ، حتى أماكن الجلوس أختلفت . كل شيء تغير ؟! أم أنني بقيت في نقطة البداية بعد النهاية ولم أتحرك ؟!! هذه رحلة الخمس والعشرين سنة ولت . يا ترى الرحلة القادمة ، بعد كم سنة سيمرني القطار . ؟؟!! أم خَفَتَتِ الأضواء ؟!!كتب في التصنيف: مقالات كتاب بلادي   تم النشر منذ 3 ساعات

مشاركة :