تونس - حفز زخم قطاع الصناعات الكيمياوية الذي ساهم في دفع الاقتصاد الأردني وصموده أمام هول الطلب على الصناعات الكيمياوية من منتجات التعقيم والتطهير ما يدعم القطاع على البحث عن فرص تصديرية لدعم نموه وتحقيق التنمية للاقتصاد الذي يكافح شح الموارد ومحدودية مصادر التمويل وكما أدى ذلك إلى تصعيد المطالب بإعادة ضبط اختلال الميزان التجاري وحسن استغلال الأزمات الراهنة. وتجمع المؤشرات والآراء على أن لقطاع الصناعات الكيمياوية ومستحضرات التجميل قدرات إنتاجية رفدت الأردن في أوقات الأزمات، وقد تجلت بوضوح خلال جائحة كورونا، ما عزز الاهتمام الحكومي بتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي برمته وتشجيع الصادرات، وتطوير منتجات جديدة. ويوفر القطاع الذي يضم 700 منشأة صناعية ما يزيد عن أربعة أضعاف حاجة السوق المحلية، حيث تنتج المصانع المحلية 375 ألف طن سنويا من معقمات الأيدي والمطهرات والمنظفات، فيما لا يزيد أقصى استهلاك للسوق المحلية من هذه المنتجات مجتمعة على 85 ألف طن. وقال المحلل الاقتصادي مازن أرشيد لـ”العرب” إن “قطاع الصناعات الكيمياوية ومستحضرات التجميل من أكثر القطاعات الاقتصادية الناجحة حيث أثبت جاهزيته وقت أزمة كورونا بتغطيته للاحتياجات المحلية”. وأضاف أن “رأس مال هذه الشركات تجاوز نحو 1.4 مليار دولار غير أنه يصطدم بإشكاليات تتعلق باختلال الميزان التجاري في الأردن حيث تفوق نسبة الواردات نسبة التصدير بكثير ما يحول دون حسن الاستفادة من مثل هذا القطاع الواعد”. وتابع أرشيد أن “قطاع الصناعات الكيمياوية يشكل لوحده نحو 10 في المئة من القطاع الصناعي في عمّان ويتميز بجودة عالية ظهرت جليا من خلال قدرته على التكيف مع ارتفاع الطلب العالمي على المطهرات”. وأوضح أن “الإنتاج السنوي في هذا القطاع من الأسمدة والمبيدات الزراعية تغطي أربعة أضعاف حاجيات السوق المحلية ما يعني تصدير البقية غير أن اختلال آليات التصدير في البلد تحول دون تحقيق إيرادات كبيرة”. وشدد على أن “الأزمة يجب أن تتحول إلى فرصة لقطاع الصناعات الكيمياوية لتنمية تصدير الفائض وذلك من خلال حوافز ضريبية وامتيازات تصديرية عبر تخفيف رسوم المواد الخام وخفض ضريبة الدخل على الشركات وتخفيض الرسوم الجمركية على للمواد الخام لتشجيع النهوض بالقطاع”. وتعاني البلاد، التي تستورد أكثر من 90 في المئة من حاجاتها الطاقية من الخارج، ظروفا اقتصادية صعبة وديونا، كما أنها تأثرت كثيرا بالأزمتين المستمرتين في كل من العراق وسوريا ولاسيما أزمة اللاجئين. ونسبت وكالة الأنباء الأردنية بترا لممثل قطاع الصناعات الكيمياوية ومستحضرات التجميل في غرفة صناعة الأردن أحمد البس، قوله إن “القطاع يمتلك فرصا تصديرية غير مستغلة تقدر بنحو 1.74 مليار دولار لمختلف دول العالم وتشكل 36 في المئة من إجمالي فرص التصدير غير المستغلة للقطاع الصناعي عامة”. وأضاف إن “القطاع الذي يشغل 15 ألف عامل وعاملة، الذين يشكلون نسبة نحو 6 في المئة من عموم العاملين بالقطاع الصناعي، يواجه صعوبات عديدة تحد من نموه وقدرته على استغلال كامل إمكانياته التصديرية والإنتاجية مثل كلفة التشغيل و البيروقراطية التي تعرقل ترخيص وتوسعة المنشآت، ما يشكل إرباكا للمصنعين”. وأشار إلى أن “صناعة الكيمياويات الأردنية التي دخلت البلاد قبل أكثر من نصف قرن، متميزة عن مثيلاتها بالمنطقة العربية بارتفاع جودتها سواء الأسمدة أو المبيدات أو المنظفات أو كيمياويات البناء”، مؤكدا “نحن قادة هذه الصناعة عربيا”. وبين أن “منتجات القطاع تواجه قيودا رقابية ومساءلة مشددة وتراخيص وموافقات واحتياجات عديدة تفرضها مؤسسات رسمية للسماح بالتصنيع والإنتاج، فيما لا يخضع ما يتم استيراده من الخارج لذلك”. وشدد على “ضرورة مراقبة الأسواق لحماية الصناعة الأردنية من البضائع غير المطابقة للمواصفات وقليلة الجودة”. وأضاف أن “الصناعات الكيمياوية ومستحضرات التجميل تعد من أكثر القطاعات تشغيلا للأيدي العاملة الأردنية، حيث يبلغ متوسط عدد العاملين في المنشأة الواحدة نحو 22 عاملا”. وأكد أن “العمالة بالقطاع تتسم بالمهارة والقدرات الوظيفية عالية المستوى، كما تتمتع العملية الإنتاجية بالحساسية والدقة والخطورة في التعامل مع المواد الأولية، إذ يتم دفع تعويضات للعاملين بين أجور ومزايا عينية ونقدية تصل إلى نحو 170 مليون دينار سنويا”. ولفت إلى أن “القطاع لديه قدرات تصديرية عالية تبلغ نحو 800 مليون دينار سنويا، تشكل ما نسبته 18 في المئة تقريبا من إجمالي الصادرات الصناعية، مبينا أن منتجاته استطاعت الوصول إلى أكثر من 105 دول حول العالم”. وقال إن “الصناعات الكيمياوية الأردنية تزخر بالكثير من الفرص سواء داخل السوق المحلية أو بأسواق التصدير، جراء الطلب المرتفع بعد أزمة فايروس كورونا وبخاصة منتجات المنظفات والمطهرات والمعقمات والأسمدة والمبيدات الزراعية، مشددا على ضرورة اغتنامها”. وبين أن “قطاع صناعات الأسمدة لديه نحو 68.8 في المئة من إجمالي الفرص التصديرية المتوفرة بقطاع الصناعات الكيمياوية ومستحضرات التجميل قيمتها 1.2 مليار دولار، بينما تمتلك الصناعات الكيمياوية العضوية وغير العضوية فرصا تصديرية غير مستغلة قيمتها 532 مليون دولار”. وأوضح أن قطاع الصناعات الكيمياوية ومستحضرات التجميل يستطيع توفير 34 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في حال استغلال هذه الفرص التصديرية، لافتا إلى التحديات التي تواجه القطاع، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار المواد الخام والطاقة الكهربائية والكلفة الإنتاجية المتعددة، ونقص السيولة والالتزامات الكبيرة على المصانع وضعف القدرات التسويقية. وفي ظل تداعيات أزمة كورونا وتباطؤ نمو عوائد الخزينة العامة، يكافح الأردن لإغراء المغتربين بالاستثمار في بلدهم من خلال محاولة تقديم صورة وردية لبيئة الأعمال وتأكيد أن الاقتصاد يتجه إلى الانتعاش بعد أن تجاوز مرحلة الخطر مع إعادة فتح الاقتصاد.
مشاركة :