•• كما هو متوقع.. •• فإن مجلس الأمن سوف يتخذ اليوم واحداً من أسوأ قراراته.. عندما يصادق على الاتفاق الذي تزمع الدول (5+1) التوقيع عليه مع إيران بعد ذلك.. •• هذا القرار يعتبر الأسوأ في تاريخ المجلس بعد قرار (242) الذي صادر الوطن الفلسطيني وسلمه لإسرائيل عام 1948م وهو يُجيز هذه المرة لإيران حق امتلاك سلاح نووي من شأنه أن يتهدد منطقة الشرق الأوسط وينذر بحرب عالمية ثالثة مدمرة.. •• وأنا لا أبالغ عندما أقول هذا الكلام.. وإن كان مبكراً قوله لكن المؤشرات قوية على ذلك.. وأقواها.. وأوضحها لكشف نوايا إيران في المنطقة وربما الدول الست أيضاً هو حديث الرئيس الإيراني "علي خامنئي" منذ يومين.. عندما قال لشعبه: "إن الاتفاق لن يحول دون استمرار دعم إيران لأصدقائها في المنطقة" وقوله "وإن سياسات إيران لم تقو.. وتتعزز" وقوله "إن عداءنا للغرب لن يتوقف بعد التوقيع على هذه الاتفاقية" ثم قوله أخيراً "إن إيران قوية.. ونووية مطلب لن نتوقف عن تحقيقه" •• فماذا يعني هذا الكلام؟! •• إنه يعني باختصار شديد.. إن لإيران لغتين في التعامل مع هذا العالم.. لغة القوة.. والتوسع.. والهيمنة.. وكسب المزيد من الأعوان.. وتمثلها المؤسسة الدينية وذراعها العسكري القوي "الحرس الثوري" وهما المؤسستان الحاكمتان في إيران.. ومع الخارج.. ولغة المراوغة.. واستخدام التكتيكات.. واستدراج العالم وعرض المصالح على الأطراف الأخرى بسخاء.. وتبادلها معها وهو ما أسال لعاب الدول الست ودفعها إلى العمل على إنجاز هذا الاتفاق بعد حوارات طويلة وذات طبيعة مسرحية.. •• وكما نلاحظ.. فإن اللغتين تعبران عن منهجين تكامليين.. نهج مبدئي ينطلق من استراتيجية بعيدة المدى وواضحة المعالم تقوم على أساس إقامة دولة إقليمية قوية في المنطقة.. ومنهج تكتيكي حركي يعتمد السياسة كأداة تحرك وعمل والاقتصاد كقوة داعمة لهذا التوجه عن طريق إدارة مصالح إيران بذكاء مع دول العالم.. •• والأخطر من هذا الآن هو: •• أن يأتي مجلس الأمن اليوم.. ليصوت بالموافقة على هذا الاتفاق.. مطلقاً بذلك حرباً جديدة في المنطقة.. هي حرب التسلح النووي وبدء عملية التغيير الفعلي لخارطة المنطقة السياسية.. ومباركة أي خطوة قادمة في هذا التوجه.. بعد استنفاد خطة "الفوضى الخلاقة" أكثر أغراضها دون الوصول إلى هذه الغاية بالصورة المطلوبة.. •• ولعل أخطر ما في الأمر هو أن خمساً من الدول الست تشكل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.. وذلك يعني أن الموافقة على الاتفاق لا تعدو أن تكون مسألة إجرائية بحتة فقط. •• لذلك أقول.. •• إن على الدول (5+1) أن تتحمل مسؤولية هذا القرار الخطير بكل ما سوف يترتب عليه بعد اليوم لسببين اثنين هما: * أولاً: أنها أضافت عدواً آخر لشعوب المنطقة.. بموافقتها على البرنامج النووي الإيراني.. بعد أن عجز مجلس الأمن عن الحد من البرنامج النووي الإسرائيلي.. وأغمضت الدول الكبرى عيونها عنه.. بل وواصلت دعمه وإمداده بكل مصادر القوة والتدمير.. وها هي تفعل نفس الشيء مع إيران.. بمباركتها لبرنامجها هذا.. * ثانياً: إن الدول الست قد وضعت مصالحها الاقتصادية فوق مصالح دول المنطقة الأمنية وأن هذه الخطة سوف تقود إلى سباق تسلح من نوع شرس.. تعرف دول العالم نتائجه سلفاً.. •• فكيف ستتصرف دولنا وشعوبنا؟ •• والجواب هو.. إن دول العالم وهيئاته ومنظماته بالموافقة على البرنامج النووي الإيراني تضعنا اليوم أمام خيار وحيد هو.. أن الوقت قد حان لكي نسلك نفس السلوك دفاعاً عن أنفسنا أمام عدوين حقيقيين.. وأن أي خيار آخر سوف يجعلنا لقمة سائغة في فم طهران وتل أبيب.. •• المهم هو.. أن نعرف كيف نستخدم مصادر القوة التي بأيدينا الاستخدام الأمثل لحماية أنفسنا.. وبناء دولنا من الداخل.. بدلاً من أن ننتظر الخير والفرج من الغير.. دولاً.. أو منظمات.. أو أصدقاء مزيفين. •• وسوف لن يفيدنا الكلام "المعسول" الذي نسمعه من الدول الست لتبرير وتمرير الاتفاق علينا.. وتسويقه في دولنا وبين شعوبنا.. •• ولذلك فإن المرحلة القادمة بالنسبة لنا.. دولاً وشعوباً.. هي مرحلة حفاظ على مصير بات مهدداً بالزوال. • ضمير مستتر: •• لم يعد أمام دولنا وشعوبنا.. إلا أن تضع الحزام على البطن.. وأن تستنفر قواها وتستخدمها بنجاح.. بعيداً عن الطيبة.. أو الثقة المفرطة بالغير..
مشاركة :