•• أيقن العالم كله.. بعد حوادث باريس الدامية مساء الجمعة الماضي.. وقبل ذلك حادث سقوط الطائرة الروسية بعد مغادرة مطار شرم الشيخ.. أن مستقبل الدول والمجتمعات أشد سواداً مما كان يتوقعه الجميع.. كما تأكد بأن جميع الإجراءات التي اتخذت حتى الآن لمواجهة الإرهاب ليست كافية.. وأن الوضع أخطر بكثير من مجرد قيام تحالفات تتعامل مع فظائع الإرهاب في مناطق الصراع فقط.. وبفعالية أقل بكثير مما يجب عمله.. •• ذلك أن الإرهاب لم يكن عابراً للقارات.. وإنما هو موجود داخل كل دول العالم ومجتمعاته.. وذلك بسبب عدم كفاءة وجدية المجهودات المبذولة لمكافحته حتى الآن.. •• وإذا لم تقتنع دول العالم وقاداته وفي مقدمتها أوروبا وأميركا والصين وروسيا واليابان وغيرها.. أن الخطر موجود في داخلها وأن البشرية كلها مهددة بحكم ترعرعه في كل المجتمعات كجزء من ثقافاتها.. ومظهر من مظاهر الإحباط التي تعيشها فئات مختلفة منها.. فإن الخطر سوف يزداد والكارثة سوف تعم.. والحياة تتوقف تماماً.. جراء الضربات المتعاقبة التي ستعم كافة الدول والقارات إذا نحن لم نتوصل إلى حلول عملية وجذرية لمسبباته ودوافعه ومصادر تغذيته.. •• فإذا كانت الضحية اليوم هي باريس.. بكل هذه الدماء التي سُفكت فيها.. فإن كل عواصم الدنيا.. بل إن كل مدينة وقرية في هذا الكون باتت مهددة بالتعرض لما هو أشد قسوة من هذا الوضع المأساوي الذي أغرق العاصمة الفرنسة "الحالمة" وحوّلها إلى مقبرة لمئات القتلى.. •• وباختصار شديد.. فإن الوقت قد حان.. للتركيز بشكل أساسي على محاربة الإرهاب واستئصاله من الجذور.. •• أقول هذا الكلام للدول التي تستغله لخدمة خططها وسياساتها وبرامجها ومصالحها التوسعية.. كما أقوله للأطراف التي تضررت منه أيضاً.. وفي نفس الوقت أقوله للدول والأطراف التي لم تتعرض – بعد – لضرباته حتى الآن وأذكرها بأنها لن تكون استثناء.. حتى وإن لم تكن طرفاً في أي تحالفات سابقة.. أو أن ثقافتها ومجتمعاتها ما تزال بمنأى عن المؤثرات التي تتعرض لها دول ومجتمعات تضررت منه بالفعل حتى الآن.. •• أقول هذا للجميع.. إن الحاجة ملحة الآن إلى تنسيق دولي شامل تشارك فيه كافة دول العالم في قمة غير مسبوقة لإنجاز مشروع فعال لمواجهة دولية للإرهاب.. يبدأ بتنقية المجتمعات من الداخل.. وتصحيح أوضاعها الاقتصادية.. والثقافية.. والاجتماعية المختلفة.. ويعمل على إيقاف الحروب البينية والقضاء على الأسباب المؤدية إليها أياً كان نوعها وطبيعتها.. ويقضي على مصادر التغذية والتمويل للإرهاب.. وذلك بإصدار ميثاق دولي يلتزم به الجميع ويعملون على تنفيذه سواء داخل بلده أو في إطار العمل المشترك الذي ستحدده آليات العمل المطلوب تحديدها بدقة ووضوح وفعالية كافية للحيلولة دون انتشار النار إلى كل مكان في هذا العالم.. • مثل هذا العمل المسؤول لم يعد مطلوباً فحسب.. ولكنه بات ضرورة قصوى للحيلولة دون انهيار المجتمعات واحداً بعد الآخر.. •• وإذا لم تبادر الدول الكبرى إلى إنجاز مشروع كهذا في أسرع وقت واستمرت في التعامل مع الإرهاب بالصورة الحالية وغير الجادة.. فإن بون وواشنطن ولندن وامستردام وجنيف وطوكيو ستكون هي الأهداف القادمة لا محالة.. •• وباختصار أشد أقول.. اتركوا مخططات رسم خرائط جديدة لمنطقة الشرق الأوسط.. وتوجهوا إلى العمل البناء من أجل إنقاذ مجتمعاتكم.. وتجنيب الحضارة الإنسانية أي انهيارات مدمرة أخرى.. وبذلك نحمي باريس الجميلة وغيرها من هذا العبث الذي يتهدد الجميع وينذر بأخطار لا قبل للإنسانية بها.. •• كما أقول للمجتمعات التي تعاني من حالة التصدع الثقافي من داخلها.. عليكم بمواجهة هذه الحقيقة.. وإيقاف الحروب والصراعات الداخلية التي تغذي العنف.. وتبث الكراهية بين شعوبكم إذا أردتم تجنب ما هو أسوأ.. والله المستعان. *** • ضمير مستتر: •• (هناك من يصنعون الإرهاب.. وهناك من يصدرونه.. لكن الجميع سيكونون ضحاياه في النهاية).
مشاركة :