قبل أن نبحر في عالم التكنولوجيا كانت الشائعات تحتاج إلى أيام وأسابيع لكي تنتشر بين الناس، لكن في ظل العولمة ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تنتقل بسرعة البرق وتأخذ صداها دون أن تستطيع أن تتحقق من صحتها أو من يقف خلفها فى هذا العالم الافتراضي الحافل بالأكاذيب والأسماء والحسابات الوهمية، التي تروج للأخبار المكذوبة والفيديوهات والصور الملفقة التي تستهدف هدم جسور الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.ومع تطور أجيال الهواتف المحمولة وتطبيقات التواصل والدردشة غزت الشائعات والأخبار المكذوبة كل بيت ودخلت أعماق النسيج المجتمعي لتفتت أوصاله، بعد أن تناسينا جميعا منهج القرآن الكريم في ضرورة التثبت والتيقن من الخبر والذي ورد جليا في قول الله تبارك وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِين آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين".إن جميع النصوص الشرعية ، أكدت حرمة المشاركة فيما يعرف بترويج الشائعات والأكاذيب والأقاويل غير المحققة والظنون الكاذبة، من غير أن يتثبت المرء من صحتها بالرجوع إلى المختصين والخبراء بالأمور قبل نشرها، لأنه يثير الفتن والقلاقل بين الناس، لأن الشائعات وسيلة من وسائل إشاعة الفوضى والفساد والإفساد في الأرض، والنيل من الأمم والدول، وتثير الفتنة والبلبلة بين الناس، مشيرا إلى أن الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها، وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: "إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".في ظل التقدم التقنى وعصر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، تتعرض الأجيال الناشئة اليوم لتيارات معادية تهدد عقيدتها وقيمها الروحية والأخلاقية، وتسعى هذه التيارات إلى تشويه مبادئ المسلم وأفكاره، ودفعه إلى الجنوح والشذوذ والجريمة، لكيلا يقوى على أداء أبسط واجباته ومسئولياته للأمة والمجتمع, فالشائعات جريمة ضد الدين والوطن، من أجل ذلك دقت الهيئات والمنظمات الدولية ومعها دول العالم الثالث، ناقوس الخطر لتنبه إلى خطورة هذه الشائعات، مطالبة باتخاذ إجراءات وقائية وإعلامية وتربوية؛ للخروج من المأزق وتجنب الآثار السلبية على المستويين التربوى والثقافى.علينا جميعا التعاون لمواجهة الشائعات أفرادا ومؤسسات، وكذلك وضع الآلية للناس فى نقل الأخبار، قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِين آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"، وهذا هو منهج التثبت والتحرى قبل تداول الكلام، وهذا ما يجب تطبيقه خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام، فيجب على من سمع خبرا يستهدف قوة المسلمين أو وحدتهم أو مصالحهم ألا ينقله لأن نقله نشر للشائعة.الشائعات من الأسلحة القولية التى تستخدم من قبل البعض لهدم أركان المجتمع، ويساعدها على ذلك الاستخدام السيئ للتكنولوجيا الحديثة وبخاصة السوشيال ميديا، التى تساعد بقوة فى سرعة انتشار الأكاذيب والشائعات، مؤكدا أن مواجهة خطر الشائعات تبدأ من الفرد، بمعنى أنه يجب عليه التثبت من القول أو الخبر أو الكلمة التى يتم تداولها، حتى لا يكون مشاركا فى الإثم وإفساد المجتمع.ولذلك يجب الإسراع بفرض رقابة على مواقع التواصل الاجتماعي دون المساس بحرية الرأي والتعبير من خلال سن قانون يجرم تداول الأخبار المكذوبة ونشر الشائعات، مع سن قانون رادع لكل من يسهم في الترويج للشائعات من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مع تشديد الرقابة علي من يسىء استخدام وسائل السوشيال ميديا وتغليظ العقوبة، خاصة أن الجماعات المتطرفة تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأفكارهم واستقطاب الشباب، ومحاربة كل من يقوم بنشر الشائعات التي هدفها زعزعة أمن واستقرار الوطن ووضع ضوابط حقيقية لمواجهة هذه التجاوزات، ومتابعة الحسابات عبر مواقع التواصل ورصد كل ما يتم من إساءات وسخرية من مؤسسات الدولة وأن تكون هناك عقوبات لذلك.
مشاركة :