•• ليس من السهل أن يفقد وطن.. إنساناً بحجم الأمير سعود الفيصل الذي ودعناه يوم السبت 24/9/1436ه إلى مثواه الأخير بقلوب حزينة.. ولا يشعر الإنسان بمدى الخسارة الكبيرة التي تحلّ بهذه الأمة.. وفي وقت هو الأصعب والأكثر احتياجاً إلى العقول الكبيرة.. والخبيرة.. والمقنعة.. والمؤثرة أيضاً.. •• فقد ترك لنا الأمير الراحل رصيداً عظيماً من الاحترام لدى دول وشعوب العالم.. الاحترام لسياسة المملكة المتسمة بالاعتدال.. والتوازن.. والموضوعية.. والقوة في آن معاً.. لأن من كان يعكس هذه السياسة.. وينشرها في هذا العالم بصدق.. وقدرة فائقة على العرض والإقناع.. كان يملك كل مقومات التأثير.. وأدواته.. •• ولا أظن أن هذا الأثر الكبير لسياسة متمكنة.. سوف يتأثر.. لأن ركائز هذه السياسة مرسومة بعناية شديدة منذ مؤسس هذا الكيان رحمه الله.. الملك عبدالعزيز.. وحافظ عليها أبناؤه من الملوك المتعاقبين.. وجاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الآن ليكسبها مزيداً من القوة.. والحركة.. وتعزيز مصادر القوة في هذه الأمة.. لكن بصمات الأمير الراحل في ترسيخ قواعد هذه السياسة لا يمكن أن تزول.. أو تتأثر.. لأنه ترك لنا أجيالاً متعاقبة من الساسة والدبلوماسيين المهرة.. في مواقع المسؤولية المختلفة وسوف يجسدون روح الفقيد في كل حركة وسكنة يقومون بها.. بروح المسؤولية الجديدة.. بكل تأكيد.. •• وكما هو معروف.. •• فإن سياسة الاعتماد المتبادل تتعرض الآن لمراجعة شاملة في ضوء المعطيات الجديدة.. أملاً في تعزيزها بالبناء على المشتركات.. والتوقف بإمعان أمام نقاط الاختلاف.. والتعامل معها بصورة جدية وفعالة.. استثماراً للوقت.. وتحديداً للخطوة التالية ضماناً للمزيد من الأمان والاستقرار.. والثقة المتبادلة واستبعاد عنصر المفاجأة أيضاً.. •• ذلك جانب.. •• أما الجانب الآخر والمهم.. فإنه يتمثل في إعادة ترتيب أوضاع البيت العربي من الداخل.. وذلك يتطلب حداً أعلى من التقارب الشديد في السياسات والمواقف والاستراتيجيات.. فمع ضمان الحد الأقصى من الاتفاق على التكتيكات بما لا يترك مجالاً للتصدع أو التفاوت في استخدام الأدوات والوسائل المناسبة بالشكل المناسب.. وفي الوقت المناسب.. وهذا يتطلب حداً أعلى من الفرز وحسن الاختيار تحقيقاً للتكامل المنشود. •• وإذا قاد هذا التوجه دولنا إلى اتخاذ قرارات تاريخية وحازمة في الفترة القريبة القادمة.. فإن ذلك لن يدهشنا.. وإنما سوف يزيد من قناعتنا بأن المخاوف على منطقتنا سوف تتلاشى بالتدرج.. لا سيما إذا حزم القادة العرب المتضامنون أمرهم ووضعوا مستقبل أوطانهم وشعوبهم في مقدمة أولوياتهم وعملوا على تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن.. •• والمملكة العربية السعودية التي تقود الآن منطقتنا إلى هذه المنهجية الفاعلة في التعاطي مع الأحداث والتوترات والمحاذير.. لا تنطلق في ذلك من فراغ.. وإنما من تحليل موضوعي للواقع الجديد.. وللاحتمالات الماثلة للأذهان.. وللحاجة الملحة إلى استخدام كل مصادر القوة بصورة رشيدة.. •• وإذا كان هناك ما يميز هذه السياسة منذ مرحلة التأسيس وحتى اليوم أكثر من غيره.. فإنه الحكمة.. والتدبر.. وعدم الانفعال.. وقراءة المستقبل بصورة صحيحة.. وهي سياسات عرف الأمير الراحل كيف يضاعف بها أرصدة المملكة من الاحترام والثقة من قبل الدول والهيئات والمنظمات الدولية حتى أصبحت لنا شخصية رصينة.. وواثقة.. ولغة مسموعة من قبل الكل.. وهي مزايا وخصائص لا يمكن التفريط فيها.. أو العمل بعيداً عنها.. وإن أضفنا إليها ما يعززها.. ويرسخ قيمها في المجتمع الدولي.. •• وهذا يعني – بكل تأكيد – أن فقيد الوطن والأمة سيظل معنا.. في كل مكان.. ومحفل.. وعند كل موقف.. وبمواجهة أي أزمة.. بأدوات وأساليب فرضتها المستجدات وأوجبتها ضرورات العمل السياسي التعبوي في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة.. •• والله معنا.. وهو الحافظ الأمين على بلدنا. *** ضمير مستتر: •• (البلدان العظيمة.. تستمر قوية.. ما استمرت محافظة على ثوابتها ومستفيدة من مصادر قوتها ومحافظة على هدوئها).
مشاركة :