الإرهاب الإلكتروني.. المعركة الحديثة - أمجد المنيف

  • 7/30/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

نعرف جيداً أنه في حالة أي حرب، فإن الجيوش المتصارعة - وبحسب الأعراف الدولية - تستهدف دوماً ثلاثة عناصر أساسية من أجل كسب المعركة؛ وهي العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، لكن الأمر لم يعد كما السابق، حيث إن الاستهداف التقني، أو الإلكتروني، أو يمكن تسميته بالمعلوماتي، صار الأكثر شيوعاً، بعدما تغيرت كثيراً من ملامح النفوذ والصراعات، وصار العالم يتحدث بلغة التقنية. لا زلت أؤمن، وأردد كثيراً، إن حروب النار والدم والمدافع تلاشت في مفهوم الدول المدنية، لكنها ما زالت حاضرة في استراتيجيات الأحزاب المتطرفة أو الجماعات الإرهابية، وذلك يأتي من إيماني بأن الحروب الحقيقية باتت حروباً "تقنية" و"معلوماتية"، وكل هذا كفيل بإسقاط أعظم الإمبراطوريات.. في الحقيقة، وحتى لو لم تكن هناك حرباً "حقيقية" معلنة، إلا أن التوغل التقني؛ صار الأكثر خطورة، وأصبح الرسالة التي تأتي بلا موعد، ولسنا ببعيدين عن الهجوم الإلكتروني الذي نفذته "بيونغ يانغ" ضد الاستوديوهات السينمائية لشركة سوني، الذي تسبب بتأثير اقتصادي كبير، فيما لو تجاوزنا الآثار الأخرى لهذه الجريمة من تهديد أمني واختراق سيادة دولة وإرهاب وغيره، حيث إن عملية القرصنة كبّدتهم خسائر مقدارها نصف مليار دولار، بحسب الإحصائيات المبدئية للعملية، وأدخلت الرعب في قلوب الكثير من المستثمرين في صناعة الترفيه. يمكن تعريف "الإرهاب الإلكتروني"، حتى نكون أكثر وضوحاً ودقة، بأنه "نشاط أو هجوم متعمّد، يملك دوافع سياسية ويسعى للتأثير في القرارات الحكومية والرأي العام العالمي، ويستخدم الفضاء الإلكتروني بوصفه عاملاً مساعداً ووسيطاً في عملية التنفيذ للعمل الإرهابي، أو الحربي. كما يسعى لإحداث تأثير معنوي ونفسي عبر التحريض على بث الكراهية الدينية وحروب الأفكار. ويأتي هذا العمل في صورة رقميّة عبر استخدام آليات الأسلحة الإلكترونية الجديدة في معارك تدور رحاها في الفضاء الإلكتروني، وقد يقتصر تأثيرها على بعدها الرقمي، أو تتعداه لتصل إلى الإضرار بأهداف مادية تتعلق بالبنية التحتية الحيويّة". كذلك يعني هذا المصطلح استخدام وسائل إلكترونيّة، في عدوان أو تخويف أو تهديد له طابع مادي أو معنوي، ويصدر من دول أو جماعات أو أفراد عبر الفضاء الإلكتروني. كما يعني أن يسعى ذلك العدوان للتأثير على الاستخدام السلمي للفضاء الإلكتروني. بحسب كتاب "الإرهاب الإلكتروني والقوّة في العلاقات الدوليّة: نمط جديد وتحدّيات جديدة"، للكاتب الصحافي عادل عبد الصادق. من المعلوم لدى البعض أن لكل مستوى طريقة في المعالجة، ولكن الأجدى بالتعاطي - بنظري - هي المعالجة الفكرية، الكفيلة بتصحيح مسار المستويات الأخرى، والتي لا بد أن تنطلق من مبادرات حكومية جادة، تهدف لمخاطبة الجيل الحديث، الذي تشرب التقنية، وأصبح يعيش في المجتمع الافتراضي بشكل رئيس، وفي المجتمع الحقيقي بشكل ثانوي، عبر الحديث معه بلغته، ومحاولة فهمه واستيعابه وتوجيهه، من خلال المواقع الإلكترونية الفعالة على سبيل المثال، وغيرها من الطرائق الحديثة. وعودة للصحافي عبد الصادق، الذي يتفق معي من ناحية أهمية المستوى الفكري، حيث يؤكد أنه "من المستطاع النظر إلى المستوى الفكري باعتباره الأهم، لأن الفكرة هي التي تحرك القوّة. وبذا، يجب التركيز على المواجهة (الليّنة) مع الإرهاب عبر دحض أفكاره وعزله عن المجتمع، مع بثّ أفكار مضادة لما يروّج الإرهابيون له. كذلك يجدر إتاحة الفرصة أمام حريّة التعبير، ما يعزل الأفكار المتطرّفة ويمنع تضخيم حجمها وحجم المؤيدين لها، وكذلك مكافحة استخدام الفضاء الإلكتروني في بث الكراهية الدينية وازدراء الأديان".

مشاركة :