أكدت المحكمة الإدارية الكبرى أن هناك اختلافا بين الأساس القانوني لدعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن جريمة إصدار شيك من دون رصيد ودعوى المطالبة بقيمة الشيك نفسه، وأشارت إلى أن قيمة الشيك ليست تعويضًا عن جريمة إعطاء شيك من دون رصيد بل هي في الأساس عبارة عن دين مستحق. جاء ذلك في حيثيات حكمها بإلزام بحريني دفع 48 ألف دينار لآخر قيمة شيك حرر من حساب مغلق لصالح آخر بالإضافة إلى إلزامه دفع ألف دينار تعويضا أدبيا وماديا عن إصدار الشيك من دون رصيد.وكان المدعي قد طلب في دعواه إلزام المدعى عليه أن يؤدي له مبلغا قدره 49 ألف دينار تعويضا ماديا وأدبيا للضر غير المباشر الذي أصابه نتيجة حرمانه من الانتفاع بماله، وذكر أن المدعى عليه حرر لصالحه شيكا بقيمة ثمانية وأربعين ألف دينار، إلا أنه عند تقديم الشيك إلى البنك لصرف مقابله النقدي فوجئ برفض صرف الشيك بسبب غلق الحساب، وعلى أثر ذلك تم تحريك دعوى جنائية تم إدانته بحكم نهائي عن تهمة إعطاء شيك بسوء نية من دون رصيد قائم وكاف وقابل للتصرف فيه فرفع دعواه للتعويض.وقالت المحكمة إنه وفقا لأحكام الشيك في قانون التجارة بالمواد 446 وما بعدها فإن ساحب الشيك يضمن وفاءه سواء سحبه لحسابه الشخصي أو كان قد سحبه لحساب غيره، وفي هذه الحالة يكون مسؤولا شخصيا قبل الحامل بالتضامن مع المدين الأصلي الذي سحب الشيك لحسابه، وللحامل الرجوع عليه إذا قدم الشيك إلى البنك المسحوب عليه وامتنع عن الدفع أو لم يقدمه أصلا ما لم يثبت أنه كان لدى المسحوب عليه وقت إنشائه مقابل لوفائه وبقي هذا المقابل موجودا لديه حتى انقضاء ميعاد الشيك ثم زال المقابل بفعل غير منسوب إليه.ولما كان المدعى عليه قد حرر للمدعي الشيك بمبلغ 48 ألف دينار باعتراف المدعى عليه بتحقيقات النيابة العامة بأنه هو من قام بالتوقيع على الشيك وقيامه بتسليمه للمدعي نظير سداد قسط سيارة وديون أخرى على الشركة التي كان يعمل بها، وأن سبب رجوع الشيك يعود إلى أن الحساب مغلق، مما يكون معه المدعي أثبت ما يدعيه من انشغال ذمة المدعى عليه بمبلغ المطالبة ويتعين القضاء بإلزامه بأن يدفعه للمدعي.وحيث إنه عن طلب مبلغ ألف دينار بحريني على سبيل التعويض المادي والأدبي عن الضرر الناشئ عن جريمة إصدار شيك من دون رصيد المتمثل في حرمان المدعي من الانتفاع بماله ولما فاته من كسب مع الفائدة فإنه من المقرر أن كل خطأ يسبب ضررا للغير هو عمل غير مشروع يلزم فاعله بتعويض الضرر الناشئ عنه سواء تعمد الفاعل الإضرار بالغير أو لم يتعمد أو كان هذا الفعل جريمة معاقبا عليها قانونا، الأمر الذي يكون معه طلب المدعي بإلزام المدعى عليه بالتعويض الناشئ عن ارتكابه لجريمة الشيك من دون رصيد تكون قد توافرت مقوماته لما هو مقرر من أنه يكفي في وقوع الضرر المستوجب للتعويض عن جريمة الشيك من دون رصيد أن تثبت إدانة المتهم بهذه الجريمة، فضلا عن أن حرمان المدعي من الاستفادة من قيمة الشيك محل الدعوى المقدرة بمبلغ 48 ألف دينار في موعد استحقاقها يشكل ضررا محققا يستحق عنه التعويض، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغا قدره ثمانية وأربعون ألف دينار بحريني مقابل الشيك سند الدعوى مع الفائدة الأخيرية بواقع 2% سنويا وإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغا قدره ألف دينار بحريني تعويضا ماديا وأدبيا.
مشاركة :